بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

التصوير الفوتوغرافي / الظلال المنعكسة، وإضاءة العواصف   

Cast-Shadows, Storm Lighting

 

تصوير الظلال / كيفية إنشاء تكوين من الظل

Cast-Shadow Light / Projected Shapes

هناك نوعين من الظلال، الظلال Shadows التي تسقط على الجسم أو الكائن نفسه، والظلال المنعكسة التي تسقط على سطح مثل الجدران أو الأرضية Cast-Shadows، والتي تأخذ نفس هيئة الكائن أو العنصر، والتي يتوقف شكلها حسب موقع مصدر الضوء ويتوقف طول الظلال حسب المسافة من مصدر الضوء حتى الكائن أو العنصر.  

يمكننا رؤية كل من النوعين في حالتي الإضاءة الطبيعية مثل الشمس والإضاءة الكهربية في التصاميم الداخلية. في التصوير باستخدام الضوء الطبيعي، يمكننا ملاحظة أنه عند تصوير أي مشهد إن الظلال تأخذ هيئة محددة وأن كل ما يحيط بها في المعتاد يكون في النور. أو قد يحدث العكس قد نجد أن المشهد كله في الظل فيما عدا منطقة واحدة تكون في النور.

يمكن أن نجد الكثير من العناصر التي تساعدنا في تحقيق مثل هذه المشاهد مثل استغلال النوافذ أو أغصان الأشجار وغيره. تعتبر مثل هذه الصور مختلفة وغير متوقعة وجذابة بالنسبة للمشاهد، حيث أنها منطقية للعين، فمن الطبيعي عندما نمشي في ضوء الشمس أن نري الظلال على الأرض وما شابه، ومع تغير ضوء الشمس عبر اليوم فإننا قد نلاحظ الكثير من هذه الظواهر.

 من أهم أنوع الصور التي تستخدم تأثيرات الظلال في التصوير هو الصور المصنوعة من الظلال المنعكسة silhouette، والتي فيها يتم التصوير باستخدام الشمس والضوء الطبيعي بحيث ينير الضوء جزء من المشهد أما بقية المشهد فيكون في الظلال، وهنا يقوم المصور بإظهار ظلال العناصر في التكوين الرئيسي للمشهد.  

يمكننا التعرف على مثل هذه الصور بسهولة، فمثلا، قد يتم تصوير وقت الغروب في موقع مثل منظر طبيعي أو كوبري أو ما شابة، بحيث ينير الضوء الخلفية أما عناصر المشهد فتكون في الظلال مثل الأشخاص أو ما شابة. ويكون الغرض منها هو إظهار جمال الإضاءة والتركيز عليها وكذلك إنشاء صورة لها طابع مميز ومختلف.

إذا قررنا التصوير بالخارج للحصول على مشهد يحتوي مناطق من الظل والنور، فمن الطبيعي أن نجد كلاهما مختلطان، لكن العين تراهما بطريقة مختلفة تمامًا، مثل الخطوط العريضة التي تصف كائن أو عنصر ما. هذا هو الظل من الضوء، وليس الضوء من الظل، مما يسمح بفرصة أكبر للتعبير عن الموضوع.

يحتاج تصوير الظلال المنعكسة في المشاهد البحث عن بعض العوامل المهمة والمؤثرة مثل الزاوية المناسبة لضوء الشمس الساطع، ووجود سطح عادي يسقط عليه الظل المنعكس، وهدف تصوير واضح الخطوط وتفصيلي وذو معنى. وكذلك يمكن للمصور تصوير الظل المنعكس على الأرض أو الظل الذي يظهر جزء منه على الأسطح الرأسية مثل الجدران فيظهر وكأنه واقف.

ومن ثم يمكن الاستغناء على تصوير الكائن أو العنصر نفسه وإظهار الظلال المنعكسة فقط لوصف والتعبير عن معني ورسالة خاصة. تضفي هذه النوعية من الصور سحر خاص، فهي تُظهر شرارة من الخيال إلى الواقع. هناك ثلاث سمات رئيسية للتصوير باستخدام الظلال وعمل أشكال من الظل المنعكس على الأسطح، وهم كالآتي.

يمكن إنشاء مشهد يكون الظل فيه هو الغالب أو العكس. يمكن استخدام الظلال لتكون هي التكوين الرئيسي في الموضوع، يمكننا توصيل رسالة ومعاني درامية وعمل صور غير تقليدية باستخدام مثل هذا الأسلوب ولكن يجب التخطيط للمشهد جيداً.

مثال (1)

صورة لظل شخص ما يقوم بقشط جلد الجاموس، في يوجياكرتا. ظهر الظل بالنسبة للمصور بشكل غير تقليدي عندما لاحظ أداء عامل ما. وقرر التقاط صورة غير تقليدية يعبر فيها عن معني ورسالة، كما نلاحظ أن الصورة تثير الفضول، ويظهر الظل كتكوين رئيسي يصف ما يشبه بشرارة من الخيال فيثير اهتمام المشاهد. للحفاظ على التأثير القوي للظل في التكوين كان يجب أن تظهر عملية كشط الجلد والرجل في مستوى واحد. 

مثال (2)

لصورة لتمثال القديس بطرس بالفاتيكان، في روما. حيث تم التركيز على يد التمثال. في هذه الصورة حاول المصور إظهار رسالة معينة من خلال جعل معظم المشهد في الظلام والتركيز على الظلال المنعكسة ليد التمثال. حيث أن وقفة التمثال تشير إلى أصبع الاتهام، كان تحديد زاوية الكاميرا وحجم إطار الصور أمر مهم جداً ومؤثر على جمال وتأثير اللقطة.

لكي يستطيع المصور الحصول على هذه اللقطة كان يجب أن يملأ ظل الذراع واليد الإطار قدر الإمكان، ولكن المصور أراد أيضًا إظهار تلميحًا خفيفاً لليد الرخامية للتمثال نفسه، أي أنه يجب إدخال جزء من ذراع التمثال في الإطار، ولكن يجب أن يتم ذلك بشرط أن تكون الذراع الحقيقة الشيء الثاني الذي تراه العين بعد الظل. 

يجب أن يكون مركز الاهتمام الذي تسقط عليه العين أولا هو الظلال المنعكسة على الجدار ثم بعدها الأجزاء من التمثال التي تقع في الجانب الأيمن في الظل، حاول المصور التقاط الصورة بسرعة، حيث أن الظلال تتحرك بسرعة كبيرة، ومع ذلك لم يستطيع المصور التقاط الصورة بالشكل المطلوب من أول مرة، حيث عاد مرة أخرى في اليوم التالي في نفس التوقيت لتصوير اللقطة.

مثال (3)

مجموعة من اللقطات لنفس الصورة السابقة، لتمثال القديس بطرس بالفاتيكان، في روما. قام المصور بعمل عدة إصدارات حتى وصل للنتيجة التي يطمح بها. كما نلاحظ يتدرج الضوء والظل من غير واضح ومحدد الخطوط والتفاصيل إلى واضح ومحدد. كان بين الصورتين الأولى والرابعة أربع دقائق فقط، حيث تحركت الظلال الطويلة للغاية عبر إطار النافذة بسرعة أسفل الحائط. 

ضوء العاصفة / الأضواء الكاشفة الصغيرة

Storm Light / Brief Spotlight

المقصود بهذا الضوء هو الضوء العابر الذي يمر من السماء عند حدوث العواصف القوية. أو على الأقل أثناء الطقس الغائم والسحاب الثقيل. ويشمل ذلك العواصف والسحب الرعدية. عندما تكون السحب ثقيلة للغاية أثناء العواصف يحدث نوع من الانكسار في السحب ويمر الضوء الضعيف عبر السحب من خلال فجوات صغيرة، ويترك أثر خلاب على المشهد.

قد يكاد يكون من المستحيل التنبؤ بذلك، فقد يكون الطقس غائم ولكن من الصعب جداً أن نتنبأ بمرور الضوء عبر السحب الثقيلة، ويظل ذلك أحد السيناريوهات الكلاسيكية في مجال التصوير الفوتوغرافي، حيث يقوم المصور بمطاردة الضوء بهدف الحصول على لقطة مميزة. إن الإضاءة تحول المشهد من مشهد لا توجد فيه أي احتمالات تقريبًا إلى العكس وهو صورة ذات تركيز ولها طابع درامي وتباين قوي.

إذا كان لا يمكننا التنبؤ بهذه النوعية من الإضاءة فبالتالي لا يمكننا التخطيط للمشهد، التخطيط الوحيد الذي يتم اتباعه في هذا النوع من اللقطات هو الاستعداد للتحرك والتصوير بسرعة كبيرة، والثقة في كيفية التعامل مع اعدادات التصوير مثل التعريض الضوئي exposure والذي قد يكون من الصعب دائمًا ضبطه لهدف صغير ساطع مقابل وجود خلفية داكنة كبيرة.

في حالة إمكانية عمل ذلك مع الاستعداد للتصوير في أي وقت، فإن المشهد سوف ينير بشكل فجائي ويترك طابع درامي قوي. وبما أن الضوء يمر عبر فجوات صغيرة، فبالتالي إنه ينير جزءًا صغيرًا فقط من المشهد، مما يعمل على تقوية التباين. يجب العلم أنه من المضر استخدام التعريض الضوئي المفرط.

وذلك لأنه خطر على اللقطة، وكذلك يجب العلم أن التصوير المستمر هو طريقة غير متقنة للتعامل مع المناظر الطبيعية. وبناء على ذلك، إذا كانت هناك أي شكوك لدى المصور حول التعريض الضوئي، فمن الأفضل ضبط مجموعة الإعدادات بالكاميرا بدلاً من فقدان اللقطة. هناك ثلاث مميزات رئيسية لتصوير الضوء في العواصف القوية وهم كالآتي.

يمر الضوء بشكل عابر من خلال فجوات صغيرة في السحب، يجب على المصور أن يكون سريع التصرف لأن الإضاءة تكون في المعتاد لا يمكن التنبؤ بها، يجب الأخذ في الاعتبار اعدادات الكاميرا وخاصة ضبط التعريض الضوئي.

مثال (1)

صورة لمنظر طبيعي لسلسلة من الجبال في التبت الشرقية. حاول المصور إظهار الإضاءة أثناء العواصف القوية. وقام بعمل إصدار قبل النسخة النهائية، وفي الإصدار الصغير يمكننا ملاحظة أنه لا يوجد ضوء يمر عبر السحب الكثيفة. ولكن في الإصدار النهائي استطاع المصور إظهار جمال الإضاءة. 

إن الفرق بين الإصدار الذي يحتوي الإضاءة والإصدار الأخر التي تم عمله في فترة المساء بدون ضوء، هو فرق هائل، وكأنه مثل الفرق بين وجود صورة وعدم وجود صورة. في هذه الصورة اضطر المصور إلى القيادة بسرعة أولاً ثم الركض للحصول على مقدمة فارغة ومن ثم يمكن إظهار السحب والضوء الذي يمر من خلالها.

مثال (2)

صورة لمنظر طبيعي في إبسويتش مارشيز، ماساتشوستس. كانت هذه اللقطة مخصصة لكي يتم توظيفها في فيلم، وكان الفيلم رولًا على كاميرا عرض مقاس 4 × 5 بوصة، ويتطلب ذلك أن تكون عملية التصوير بطيئة. وكان الوقت المتاح غير كافي لالتقاط ضوء العاصفة في الصورة، حيث في مثل هذا الطقس تكون السحب دائمًا سميكة جدًا وتتحرك بسرعة كبيرة جدًا. 

وبناء على ذلك لا يمر الضوء إلا من خلال فجوات صغيرة جداً في الغلاف الجوي، والتي قد تستمر لفترة صغيرة ربما دقائق معدودة أو ثواني، وهذا يعني أنه يجب التحرك بسرعة للعثور على وجهة وزاوية تصوير واضحة، من هنا تأتي أهمية الخبرات المكتسبة السابقة للمصور وأهمية إعداد الأدوات بشكل مسبق.

مثال (3)

صورة لنفس المنظر الطبيعي السابق في ماساتشوستس. يمكننا ملاحظة أن الضوء الكشاف كان ساطعًا للغاية بحيث يؤدي ضبط إعدادات التعريض إلى تقليل الظلال الأمامية لتبدو وكأنها سوداء تقريبًا. 

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

كتاب "التقاط الضوء - قلب التصوير".

CAPTURING LIGHT - The Heart of Photography

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.