بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

التصوير الفوتوغرافي / الساعة الذهبية - اللحظات الأولى   

Golden Hour - First Moments

 

البحث عن الضوء "مطاردة الضوء"

Searching for Light “Chasing Light”

إن المقصود بمصطلح "مطاردة الضوء" هو البحث عن ظروف الإضاءة المناسبة التي تتوافق مع موضوع التصوير. وهو تعبير حقيقي يستخدمه المصورين العاملين في المجال. حيث الضوء يغير طبيعة الموضوع فيتحول الضوء العادي الذي ينير الأماكن إلى ضوء سحري، ينشأ عنه تأثير ساحر في الأماكن التي يكون موجود بها.

وبناء على ذلك يستطيع المصور بناء المشهد، والتخطيط له، وإنشاء اللقطات المميزة والفريدة. قد لا يستمر الضوء طويلا، فهناك لحظة أو لحظات تكون فيها الإضاءة مناسبة للقطة وتجعلها سحرية، وهذه اللحظات قد لا تستمر طويلا، كما في لحظات الغروب والشفق، والأمسيات الزرقاء وغيره.

وبالتالي إن المصور الكُفُؤ هو المصور الذي يستطيع أن يلتقط الصورة في توقيت الإضاءة الأفضل وذلك يكون بناء على خبراته وذوقه الشخصي بالإضافة إلى التخطيط والإعداد للمشهد. هناك أحداث سريعة لا تدوم طويلا، وقد يكون من الصعب التنبؤ بها، هذه النوعية من التجارب تحتاج إلى مصور محترف ينتبه إلى أهمية المشهد، ويكون مستعد بحيث يستطيع التقاط الصورة.

نستطيع تفهم هذا النوع من التصوير عندما نرى شيء غير معتاد ومميز ويخرج عن المسار الطبيعي للأشياء، وبناء على ذلك نريد توثيق هذه اللحظة، قد يحدث هذا في كثير من الأشياء والأحداث حولنا، وهناك العديد من الأمثلة كما في تصوير العواصف، والظواهر الطبيعية، وربما يكون أحداث مهمة في حياة الناس أو حتى أشياء بسيطة ولكنها مختلفة.

إن المصور الجيد يمكنه التقاط صورة مميزة لإضاءة لها تأثير ساحر، وهناك العديد من الأمثلة التي تدل على ذلك، فمثلا، عندما ينفجر ضوء الشمس عبر السحب العاصفة الكثيفة، فربما يضيء طبقة من المطر المتساقط، وعندها قد يشعر حتى أقل الأشخاص حساسية للضوء بالفرق المفاجئ، وبالتالي تصبح الرؤية ذات قيمة أكبر لأننا نعلم أنها لن تدوم لفترة طويلة.  

هذا النوع من الضوء يظهر بالصدفة ولا يمكن التنبؤ به في الأساس. من الناحية العملية، فإن تصوير هذه اللحظات الأكثر شرودًا من الضوء يستدعي من المصور استجابة أكثر تفاعلية من الجهود المخططة وربما يضطر للانتظار فترة. كما في انتظار اللحظات الأولى من الساعة الذهبية عندما تشرق الشمس في الأفق.

وفي بعض الأحوال الأخرى قد يكون من الأفضل التصوير والشمس منخفضة، والعكس صحيح. أما في حالة تصوير الشروق أو الغروب، فقد يبدو للوهلة الأولى أن كلاهما واحد، وأن الشروق يشبه الغروب، ولكن في الحقيقة إن الأمر يختلف كثيرا في حالة الإعداد والتخطيط.

حيث يمكن التخطيط لغروب الشمس لأنك تستطيع مشاهدة مسارها، وقد يكون ذلك سهلا نوعا ما، بالإضافة إلى أنه يمكنك الإعداد والتخطيط في اليوم السابق، ولكن في حالة شروق الشمس قد يكون الأمر صعبا بعض الشيء، فإذا لم تكن قد قمت بالاستطلاع في اليوم السابق، فمن الصعب جدًا إجراء نفس النوع من التخطيط لتصوير المشهد في فترة ما قبل الفجر والتي تكون في الظلام، حيث لا يمكن حتى التأكد من النتائج، وبالتالي بدون وجود أي مساعدة فنية، سيكون من الصعب للغاية إنشاء رؤية فنية عن شروق الشمس.

وبناء على ذلك إذا كان المصور يلتقط صور لمكان اعتاد أن يعيش فيه، فإن ذلك سيكون أفضل بكثير، فلن يقوم بالإعداد والتخطيط قبل التصوير كثيرا، بالإضافة إلى عملية التنبؤ والتوقع سوف تقل كثيرا. حيث أن المصور يكون لديه معرفة كبيرة بكيفية عمل الضوء في الموقع في مختلف الفصول والمواسم.

أما في حالة إذا كان المصور يضطر للتعامل مع مختلف أنواع الظروف، ويعتمد في مجال عمله على السفر والتنقل أو إذا كان مرتبط بجدول زمني لا يسمح بالتغيير، فيجب عليه أن يعتمد على قدرته كمصور محترف ومتدرب يستطيع التقاط الشيء المميز والتعبير عنه. قد يكون التصوير في المكان الذي نعيش فيه يجعلنا أكثر دراية بالموضوع، ولكن السفر قد يجعلنا نرى الكثير من الأشياء التي لا نعرفها من قبل. فقد يكون الضوء في جزء من العالم له تأثير سحري فريد من نوعه قد لا نستطيع رؤيته كثيراً في جزء آخر من العالم.

الساعة الذهبية / اللحظات الأولى

Golden Hour / First Moments

الساعة الذهبية تعبر عن التوقيت الذهبي للإضاءة والمفضل للكثير من المصورين، ويقع توقيت الساعة الذهبية عند الساعة الأخيرة قبل غروب الشمس والساعة الأولى من شروق الشمس. يجب على المصور أن يكون منتبه عند التصوير في الساعة الذهبية سواء في حالة الشروق أو الغروب، وأن يقوم بالإعداد والتخطيط للصورة بدقة وإلا سوف يشعر أنه في لغز كبير يصعب حله، حيث أن الشمس وأشعتها تتحرك عبر الأرض حسب المكان والزمان.

كل تجربة تصوير تختلف عن الأخرى وبالتالي قد تحتاج كل تجربة لنوع من الإعداد يختلف عن الآخر. يعد التقاط الصورة لأول ضربة لأشعة الشمس في النهار في أي مكان تزوره لأول مرة أمرًا صعبًا للغاية، وربما قد تحتاج إلى تعلم ردود فعل مصور الشارع. هناك ثلاث سمات رئيسية لتصوير الساعة الذهبية في اللحظات الأولى وهم، التخطيط ومحاولة التنبؤ والتوقع وخاصة في الأماكن التي لم تزرها من قبل، التقاط ضوء أشعة الشمس الأولي، يجب على المصور أن يكون له رد فعل سريع تجاه المشهد.

مثال (1)

لمحة من ضوء الشمس

رسم ثلاثي الأبعاد يوضح اللقطة في المثال التالي، فعلى الرغم من أن العمود نفسه غير مرئي في الصورة، إلا أن الطريقة التي يضيء بها منقار الطائر أثناء إقلاعه تُحدث فرقًا كبيرًا، لأنه فقط من هذا الدليل الصغير، تفهم العين البشرية أن ضوء الشمس يخترق المجال للتو. 

مثال (2)

لقطة عن طيور اللقلق سوداء العنق بهاراتبور، الهند. استخدم المصور عدسة مقاس 180 مم، حتى تظهر الطيور واضحة بالحجم المناسب. أراد المصور التقاط صورة تصف منظر الغابة مع طائر أو أكثر يمر من خلالها. ثم لاحظ المصور زوج من طيور اللقلق ذات العنق الأسود. 

وبينما كان المصور يمر استعد أحد الطيور للإقلاع، وهو الشيء الذي سيجعل منظر ريش الذيل يبدو مثاليًا بالصورة. كان المصور محظوظاً في العمل، ففي نفس الوقت كان أول شعاع من ضوء الشمس يمر عبر الموقع، وتمكن المصور من تصوير ضوء الشمس مع الطائر، والذي كان جناحيه يرفرفان للأعلى، وكشف عن منقاره وعينه ورأسه وكان مضاء بنور الشمس بالشكل المناسب.

إن انتباه المصور لمثل هذه اللحظة هو ما جعل اللقطة مميزة، بالإضافة إلى الاستعداد والإعداد للمشهد وتجهيز الأدوات ودراسة الموقع، والتدريب والخبرة والذوق الشخصي. حيث أن كل هذه الأشياء ساعدت المصور في إنشاء رؤية خاصة به عن المكان. 

 

مثال (3)

تحولات الضوء

في هذا المثال يمكننا ملاحظة حالة ثانية للضوء تضيف لمسة خاصة إلى مشهد يغطيه اللون الرمادي. حيث تبدو سحابة حافة الجرف نفسها غير عادية إلى حد ما، وكانت الميزة الدقيقة التي لاحظها المصور هو أن ضوء الشمس يمر من خلال المشهد فيجعل السحب والجرف يظهران بأسلوب مميز. واستمر ضوء الشمس لبضع دقائق فقط قبل أن يقطعه غطاء من السحب الثقيلة، وقام المصور بعمل إصدارين من الصورة ليختار الأفضل منهم. 

مثال (4)

الصورة النهائية من المثال السابق، وهي صورة لضوء الشمس والسحب التي تمر عبر كتل صخرية ضخمة، في سيرو فينادو ميسا، كانيما، فنزويلا. حيث لاحظ المصور كتل صخرية من الهضاب الضخمة ذات قمم مسطحة. ولكي يستطيع المصور التعامل مع مختلف الاحتمالات قام باستخدام عدسة طويلة (400 ملم)، مع العلم أنه في هذه التجربة لم يكن المصور يعرف هذا المكان من قبل.

فلم يكن لديه أي فكرة عن كيفية ضرب الشمس للمناظر الطبيعية في بلد مثل فنزويلا. ولهذا قام باستخدام العدسة الطويلة والتي تساعده في احتواء مجموعة واسعة من التفاصيل داخل إطار الصورة. ولاحظ في موقع التصوير أن هناك سحابة واقفة تتدحرج فوق حافة الجرف، مما أضاف شيئًا مميزاً للصورة، وبعدها ضرب الضوء تلك السحابة لبضع دقائق فقط، والتقط المصور اللقطة التي كانت فريدة من نوعها حيث الضوء له تأثير ساحر بالمكان. 

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

كتاب "التقاط الضوء - قلب التصوير".

CAPTURING LIGHT - The Heart of Photography

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.