بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

التصميم الجرافيكي / النقطة والخط والمساحة

Point, Line, and Area

 

النقطة والخط والمساحة

Point, Line, and Area

إن النقطة والخط والمساحة أو المنطقة هم العناصر الأساسية المستخدمة في جميع التصميمات الجرافيكية، وهي مثل الأشكال الأولية، حيث أن الطريقة التي يتم استخدام بها هذه العناصر تؤثر على الإدراك العام لأي تصميم أو تكوين نشاهده. إن معظم قرارات التصميم ترتبط بالثلاث عناصر، حيث أنها تعبر وتصف الأشكال والعناصر. يمكن استخدامهم بشكل صريح أو مباشر أو بشكل ضمني وغير مباشر لتوصيل رسالة معينة. وكذلك يمكن استخدامهم بمستويات مختلفة من التعقيد.

النقطة Point

النقطة هي أصغر عنصر يمكن رؤية في مساحة التصميم، وهي تدل على الموضع أو الموقع، فهي تصف نقطة توقف بصرية، أي عندما نراها نتوقف عندها. ويمكن تغيير حجم النقطة، فقد تكون أصغر شيء نراه أو  يمكن وضعها بمختلف المقاييس. نقطة واحدة موضوعة على صفحة فارغة تجذب العين ونركز عليها على الفور، حيث تستشعر العين وجود علاقة بينها وبين حواف الورقة.

تؤدي إضافة نقطة ثانية إلى إنشاء علاقات بين النقطتين، حيث يتم تحديد موضع نسبي بينهم، فيتم إنشاء علاقة تلقائية مع النقطة الأولى، مما يؤدي إلى صرف الانتباه بعيدًا عن المنطقة المحيطة، فحينها لا نركز على الورقة بل على النقطتين وعلاقتهم ببعض.

إذا كان هناك أكثر من نقطتين، فإن العين ستتحرك بين النقاط، وتنشئ بينهم خطوط مستقيمة وهمية. في حالة إضافة نقطة ثالثة، يعمل العقل تلقائيا على ربط هذه النقاط المرجعية الثلاث، وإذا كانت النقاط الثلاث ليسوا على مستوي واحد، فإن العين سوف تنشئ مثلث وهمي يربط بين النقاط الثلاث.

في حالة إضافة العديد من النقاط في الصفحة، سنرى ما يشبه التجمعات النقطية ومجموعة من الأنماط والتجمعات الفرعية، إن ما يحدد موقع المجموعات بالنسبة لبعضها البعض هو موقع النقاط. حيث أن مواقع النقاط تعمل على إنشاء تسلسل في المشاهدة وتحديد لمستويات الأهمية وذلك وفقا لشكل التجمعات النقطية.

الخط Line

يدل ويشير الخط بشكل أساسي إلى الاتجاه وبالتالي يقود العين. كما أنه يشجع العين على الاستمرار إلى ما هو أبعد من طول الخط. وقد يكون الخط ضمنيًا أي غير مباشر. ينشأ الخط من خلال تجاور عنصرين يمكن الربط بينهم بخط مستقيم، كما هو الحال الربط بين نقطتين أو أكثر بخط مستقيم، أو بشكل فعلي عندما نرسم خط.

بالإضافة إلى الربط بين نقطتين يمكن أن يكون الخط عبارة عن سطر من النصوص، أو قاعدة مطبعية، أو مجموعة من الصور أو أي عناصر أخرى. يمكن أن يؤدي وضع الخطوط بطرق معينة وبأسلوب استراتيجي إلى إنشاء عدة خطوط ومن ثم خلق وهم العمق كما في المنظور الخطي، حيث المنظور هو رسم مجسم ثلاثي الأبعاد على ورقة ثنائية الأبعاد باستخدام الخطوط. كذلك يمكن استخدام الخطوط لوضع الأشياء والعناصر داخل إطار أو بمعني أخر لإنشاء المساحة أو المنطقة المحيطة.

المساحة أو المنطقة المحيطة Area

يمكن استخدام الخطوط لاقتراح الشكل أو لوضع وتحديد إطار حول العناصر أو الإحاطة بمساحة معينة مثلا. أو يمكن وضعها بهدف التقسيم أو التأكيد على عنصر أو عناصر ما أو العمل بها لإنشاء تكوين أو علامة مرئية فريدة يُسهل رؤيتها. يمكن تعريف المنطقة بأنها سطح أو مستوى محدد، وتعمل كحاوية مرئية لعناصر التكوين، تلفت الانتباه إلى محتواها أو حوافها.

يهتم مصممو الجرافيك بالمساحة كوسيلة لتحديد تنسيق التكوين والنسبة والتناسب وكوسيلة لضبط سرعة المشاهدة داخل التصميم على أي نطاق، فهي الأداة التي تقود عين المشاهد في مسار الرؤية داخل التكوين والذي ينشئه المصمم. حيث وفقا للمساحة أو المنطقة المحيطة يتم وضع التكوين، وبناء على ذلك إذا كانت عناصر التكوين متناسقة داخل المساحة فإن ذلك سيعمل على توجيه عين المشاهد وتوصيل رسالة التصميم بدقة ووضوح.

أما لو كانت عناصر التكوين متباينة وغير متناسقة فسيكون من السهل تشتيت انتباه المشاهد، بسبب وجود عناصر متباينة وغير متوافقة على السطح أو المساحة ومن ثم سيعمل ذلك على تشتيت مسار الرؤية وصعوبة توصيل رسالة التصميم إلى المشاهد. إن وظيفة المنطقة أو المساحة أن تحيط بالتكوين (وهو مجموعة العناصر التي يتم تنظيمها لتعبر عن الفكرة).

إن المنطقة أو المساحة هو عنصر قوي جداً يؤثر في التصميم. يتم تقسيم المنطقة أو المساحة إلى قسمين، القسم الأول هو المساحة أو المنطقة الإيجابية Positive area، وهي المساحة الشاغرة في التصميم، كما في عناصر التكوين وغيره. والقسم الثاني هو المساحة أو المنطقة السلبية Negative area وتعبر عن المساحة الفارغة في التصميم، فهي الفراغ الذي يحيط بالأجزاء والعناصر ولا يحتوي أي شيء.

يمكن للمناطق "الفارغة" أن تولد طاقة داخل التصميم، ويمكن استخدامها لتوجيه العين من مكان إلى آخر. تُعرف المنطقة الفارغة أيضا باسم بالفضاء الأبيض الديناميكي، حيث أنها تولد الطاقة في التصميم، لأنها تجعلنا نشعر بوجود التكوين. إن المنطقة أو المساحة ببساطة هي مثل ورقة الرسم التي نستخدمها أو الملف الجديد في أي برنامج على الحاسوب، فهي المساحة التي نعمل فيها.

يمكننا اختيار تنسيق المساحة، فنحدد المساحة التي تتناسب مع طبيعة التكوين، فعلى سبيل المثال، إذا كان التكوين رأسي كما في البناية الطويلة فيُفضل أن تكون مساحة العمل بالطول ورأسية والعكس صحيح، وفي أوقات أخري قد يتناسب أن تكون مساحة العمل مربعة، أو تكون مستطيل أفقي وما إلى ذلك.

وإن خيار تنسيق المساحة يجب أن يتوافق مع أهداف التصميم والوظائف المطلوبة. هناك بعض التنسيقات التي تم اختبارها عبر الزمن والتي أثبتت أنها مناسبة للعديد من الاستخدامات. فعلى سبيل المثال، في مجال الطباعة، تستخدم بشكل متكرر السلسلة القياسية الدولية لأحجام الورق A وB، والتي تعتمد على مستطيل له نسبة أضلاعه 1: I .414.

والرقم الأخير له استخدام رائع، فهو الجذر التربيعي لـ 2، والذي يسمح بالطي بالمتكرر بالتوازي مع الجانب القصير من الورق، وبناء على ذلك يمكن تقسيم الورق بهذه النسبة إلى النصف وإلى مستطيلات أخرى، كل ذلك بنفس النسبة 1:1.414، مما يمنح المصمم نطاقًا مرنًا من الأحجام المترابطة نسبيًا يمكن العمل بها في مختلف المجالات.

بالإضافة إلى مجال الطباعة، فإن تنسيق المساحة أو المنطقة أمر معروف أيضا في حالة العمل والتصميم على الشاشات، حيث تعتبر الشاشة هي مساحة العمل. فمثلا، في مجال التصميم الجرافيكي، يمكننا اختيار تنسيق ملف العمل ليكون رأسي أو أفقي أو مربع أو غيره، سواء كان ذلك في برامج تحرير الصور مثل فوتوشوب وغيره أو عند العمل في تصميم صفحات الويب والمواقع الإلكترونية وغيره.

على الرغم من أن تنسيقات تصميم الشاشة تتبع بشكل عام الحد الأقصى المسموح به من الأبعاد الرأسية والأفقية، إلا أنه لا يوجد سبب يدعو إلى الالتزام بذلك بشكل صارم. فيمكن للمصمم العمل بشكل حر دون وجود الكثير من القيود، ولكن بشكل عام إن التقسيم المتساوي لمنطقة ما ينقل إحساس بالثبات والاستقرار، في حين أن التقسيم المتباين يوحي بالحركة الديناميكية بشكل أكبر.

وكل من التقسيمين له استخداماته، حيث يحققون أهداف معينة في التصميم. إن تنسيق المنطقة أو المساحة أمر معروف منذ بداية الفنون، فقديما في عصر الإغريق، كان فلاسفة اليونان والفنانين يستخدمون نسب لتقسيم المساحة بشكل متناسق، وكان يخترعون نسب ليعملون بها في كل مجالات الفنون ومن أهمها مجال العمارة، ولا تزال بعض هذه النسب تستخدم حتى يومنا الحالي.

ومن أشهر هذه النسب هو النسبة الذهبية Golden Ratio والتي لها أيضا العديد من الأسماء مثل القطاع الذهبي أو المستطيل الذهبي. والتي تم استخدامها لعدة قرون، وكانت تستخدم كصيغة لخلق الانسجام بين نسب العناصر. والنسبة الذهبية هي صيغة رياضية تصف علاقة الأجزاء ببعضها، حيث العلاقة بين المساحة الأصغر والمساحة الأكبر تساوي العلاقة بين المساحة الأكبر والمساحة الكلية، والتي تساوي حوالي 8:13، أو رياضياً 1.61803398875.

أمثلة عن النقطة والخط والمساحة

Examples of Point, Line, and Area

مثال (1)

فيما يلي مجموعة من الرسومات البيانية توضح تأثير النقطة والخط والمساحة أو المنطقة على التصميم والتكوين.

النقطة Point

الشكل (1): نقطة التركيز.

الشكل (2): النقاط التي تدل وتشير إلى الخط.

الشكل (3): النقاط التي تعطي إيحاء أو تشير إلى الشكل.

الشكل (4): تجميع النقاط بطريقة منظمة، مما يؤدى إلى قيادة العين في مسار من البداية إلى النهاية بطريقة منظمة.

الشكل (5): تجميع عشوائي للنقاط. حيث يؤدي ذلك إلى قيام العين بمسح المنطقة بحثًا، وبشكل مستمر عن نقاط البداية والنهاية.

الخط Point

الشكل (6) و(7): الخطوط تخلق وهم العمق illusion of depth.

الشكل (8): وضع حافة الخط بالقرب من أحد طرفي المنطقة أو المساحة، سيعمل على توجيه العين نحوها.

المساحة أو المنطقة المحيطة Area

الشكل (9): سيؤدي توسيط سطر على صفحة أقرب إلى الأعلى أو الأسفل إلى تثبيته بصريًا.

الشكل (10): يمكن استخدام الخطوط لتوجيه العين إلى منطقة معينة. 

الشكل (11): إن وضع مجموعة قواعد أو خطوط ذات أطوال مختلفة سوف يؤدى إلى بناء صورة. بالإضافة إلى أنه يمكن أن تنتج خطوط الكتابة نفس التأثير.

مثال (2)

تصميم كتالوج معرض، بهدف مواكبة التطوير. ففي ظل المنافسة بين الويب والأقراص المضغوطة، يتعين على مصممي الكتيبات والكتالوجات والمطبوعات الترويجية إعادة النظر في إمكانيات الحجم والشكل والمحتوى وجودة السطح. قام المصمم بإنشاء تصميم يمزج بين "كتالوج" المعرض المطبوع بشكل مبتكر، وبين تقنيات الويب والأقراص المضغوطة وغيرها من الأدوات والأجهزة، بحيث يتواكب التصميم مع التطورات التكنولوجية الحديثة، فيوصل تجربة مرئية ملموسة في عالم الإعلام والترفيه. 

مثال (3)

مجموعة من الأشكال الهندسية والمستطيلات يقسمها خط أفقي، كما نلاحظ أنه من خلال إنشاء محور أفقي يعمل على تقسيمها فإن ذلك سوف يؤدى إلى خلق نسبة وتناسب بين الأشكال. ويعتبر التقسيم النسبي للمساحة أداة ووسيلة فعالة لخلق التنسيق البصري للعناصر ذات الأحجام المختلفة بشكل جذري. ويعتبر هذا المفهوم في التصميم أساسي في العمل سواء كان العمل سيتم بغرض الطباعة أو بغرض العرض على الشاشات. 

مثال (4)

تصميم عن المواقع التاريخية والمعاصرة في وسط مدينة مانهاتن بالولايات المتحدة الأمريكية. إن التصميم يرتبط بسلسلة من جولات المشي، كل منها تم وصفه بلون معين بالألوان، وتم وضع الإعلان على الرصيف. إن سلسلة النقاط متميزة ولكنها دقيقة بدرجة كافية بحيث لا تتطفل على البيئة المحيطة بالإعلان. 

مثال (5)

تصميم لشركة تنتج إعلانات تجارية للأفلام. قام المصمم باختيار تنسيق المساحة بشكل رأسي. وكان تصميمه مستوحى بشكل غريب من اللون الأبيض، فكما نلاحظ أن القمصان الثلاثة باللون الأبيض. تم التقاط صورة الأشخاص الثلاثة في طاولة المؤتمرات في استوديو ذو إضاءة خافتة.

بالإضافة إلى اعتماد المصمم على استخدام التنسيق الرأسي للمساحة قام أيضا باستخدام النسبة والتناسب بين العناصر. حيث أن النسبة الصغيرة من الصورة للأشخاص والتي تتناسب مع المساحة البيضاء الكبيرة، النسبة بين الأشخاص إلى المساحة البيضاء تعمل على إعطاء التصميم الحركة والديناميكية والتي تشكل أساس الهوية البصرية للشركة. 

مثال (6)

تصميم لمجموعة من الخطوط البسيطة على مساحة زرقاء. حيث تم وضع مجموعة من الخطوط البسيطة في موقع استراتيجي. وترمز ألوان الخطوط واتجاهاتها إلى دلالات معينة. حيث ترمز إلى ثلاث أشياء وهم عازف الساكسفون، راقصة، وعازفة البوق. اهتم المصمم بوضع الخطوط بحيث تثير في التكوين الحركة الديناميكية غير المتعمدة، فاختار مواقعهم الديناميكية بعناية، وكأنها تمثل وتعبر عن الحركات الفردية التي يقوم بها الثلاث شخصيات، والتي تتحد معا لعمل أداء ثلاثي موحد ومتناغم. 

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

الدليل الكامل للتصميم الجرافيكي الرقمي.

The Complete Guide to Digital Graphic Design

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.