التصوير الفوتوغرافي / الساعة السحرية (2)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
التصوير الفوتوغرافي / الساعة السحرية (2)
Magic Hour (2)
في التدوينة السابقة تعرفنا على التصوير في الساعة السحرية (1)، لقراءة المزيد.
الساعة السحرية / السماء الشرقية والغربية
Magic Hour / Eastern and Western Skies
إن الساعة
السحرية كما ذكرنا في السابق هي في الفترة القصيرة التي تلي غروب الشمس وقبل حلول الظلام.
من أحد الأسباب التي تجعل الساعة السحرية مميزة هو ألوان ضوء الشمس، حيث يتحول ضوء
الشمس من الأصفر إلى الأحمر، وكذلك تصبح السماء مزدوجة اللون. وكما رأينا في
الساعة الذهبية، فعند غروب الشمس يبدأ الضوء بالسقوط على الأرض من الغرب، مما يجعل
السماء في الجهة الشرقية تبدو زرقاء.
كلما كان الجو
والسماء صافية كلما كان ذلك أفضل. في كثير من الأحوال عند التصوير في توقيت الساعة
الذهبية تمتلئ السماء بلونين متعارضين، على الجانبين المتقابلين تقريبًا من دائرة
الألوان. يعود السبب في هذه الظاهرة إلى الأطوال الموجية الموجودة في الغلاف الجوي
التي تخص ألوان معينة، حيث الأطوال الموجية تتشتت في الاتجاه ومن ثم نري السماء
لها هذه الألوان.
فعلى سبيل
المثال، اللون الأزرق له طول موجي قصير ويتم تشتته أولاً، تاركًا وراءه ضوء الشمس
البرتقالي. ولكن إذا كانت الشمس لا تزال فوق خط الأفق، فإن ذلك سوف يؤثر على وضوح
الألوان، فهناك فرق كبير في درجة سطوع الألوان الموجودة في جانبي السماء. إن ضوء
الشمس يطغى بشكل طبيعي على مناطق الظل. وفي حالة تحقق مثل هذه الظروف الجوية، فإن الساعة
السحرية في هذا المكان تكون مميزة للغاية.
وبمجرد غروب
الشمس، تزيد شدة الضوء من الغرب، بينما من الشرق تصبح أكثر توازناً. وعلى الرغم من
ذلك إلا أنه قد يكون من الصعب التنبؤ بالألوان الدقيقة، والتي يمكن أن تختلف بالتأكيد حسب
الموقع وظروف الطقس. لكن بشكل عام إن السماء في الجهة الغربية في المساء تكون
بالألوان الدافئة دائمًا، وخاصة في الثلث أو النصف الخاص بالألوان الدافئة من
دائرة الألوان. أما السماء في الجهة الشرقية تكون على العكس من ذلك.
وبالتالي، يكون
هناك اختلاف وتباين واضح بين الجهتين، إذا تم تصوير كل من الجهة الشرقية والغربية
في نفس الصورة، فإن الصورة ستكون أكثر لفتًا للانتباه من أي وقت آخر من اليوم، وتكون
عملية التصوير أكثر دقة بسبب الضوء الخافت العام بالموقع. تتمثل إحدى طرق التي
تساعدنا في الاستفادة الكاملة من التعارض بين جانبي السماء وألوانهما، عندما يكون في
الموقع أسطح داخل اللقطة تعكس السماء خلف الكاميرا بشكل صحيح.
وهذه الأسطح
قد تكون من أي شيء، فعلى سبيل المثال، هناك أسطح عاكسة للغاية مثل الماء والزجاج
والكروم، والتي تقوم بوظيفة مثالية في الصور، وكذلك إن أي شيء شاحب ومحايد اللون، كما
في الدرجات من الأبيض إلى الرمادي الفاتح، يمكن أن يقوم بهذه المهمة أيضًا. هناك
ثلاث خصائص رئيسية لتصوير جانبي السماء وهم، وجود الألوان الدافئة في جهة مقابل
وجود الألوان الباردة في الجهة الأخرى، تصبح الألوان مكثفة في الجهتين، ويمكن
الوصول إلى الكثير من درجات ولوحات الألوان Color Palettes.
مثال (1)
رسم ثلاثي
الأبعاد عن مشهد في مدينة سبالوجة، السودان. تعكس مياه النيل الهادئة ألوان
السماء. حيث تقسم المساحة إلى نصفين تقريبًا حسب اللون، فاللون الأصفر يعم في
منطقة السماء الغربية، بينما يعكس السطح، الذي يداعبه النسيم الخفيف، اللون الأزرق
من السماء خلف الكاميرا.
مثال (2)
مشهد في مدينة
سبالوجة، السودان. تم التصوير في منطقة نهر النيل أسفل مدينة الخرطوم، تأتي المياه
الهادئة أسفل النهر من الشلال، والتي تؤثر بشكل رائع على المشهد، حيث تعكس كل من جانبي
السماء. ولاحظ المصور جمال لوحة الألوان، وكانت الظلال وألوان فترة الغسق لها
تأثير خلاب على المكان، بالإضافة إلى أن المد والجزر في المكان خلق نوع من التناغم
بالمشهد.
مثال (3)
مشهد في نهر النيل في السودان. تم تصوير هذه اللقطة قبل 15 دقيقة من غروب الشمس. حيث قبل غروب الشمس مباشرة، تكون الألوان أكثر قابلية للتنبؤ بها، حيث عند لحظة غروب الشمس تكون اشعة الضوء والألوان غامرة والظلال زرقاء وجذابة.
مثال (4)
مشهد في نهر النيل في السودان. تم تصوير هذه اللقطة قبل 10 دقائق من غروب الشمس. التقط المصور الصورة عندما بدأت الشمس في المغيب بجزء بسيط، وكان هناك لمحة من اللون الأزرق في ملابس الرجال المغطاة بالظلال، ولكن لم تنتشر الظلال في منطقة انعكاسات السماء الداكنة.
مثال (5)
رسم ثلاثي الأبعاد يوضح الألوان المتضادة للسماء الشرقية والغربية والتي تتشابه كثيرا مع نفس ظروف التصوير في مشهد نهر النيل بالسودان. إن الألوان تتدرج من الأعلى إلى الأسفل، ويتلون جانبي السماء بالألوان الدافئة والباردة في أوقات مختلفة من اليوم وفي ظروف مختلفة حسب طبيعة الموقع. تستمر الساعة السحرية ما يقرب من 20 دقيقة.
الساعة السحرية / الضوء الأول والأخير
Magic Hour / First & Last Light Silhouettes
عندما تبدأ الساعة
السحرية فإن الألوان تتغير، ويحدث تحول قوي في درجة سطوع ضوء الشمس، وتنشأ حالة
درامية خاصة، وتستمر لفترة قصيرة وبالتالي تصبح هذه الفترة الزمنية مميزة للغاية. في
فترة الغسق أو الغروب تبدأ الشمس في الانحسار ثم يحل الظلام تدريجيا، والعكس صحيح
في الشروق.
يمكن تقسيم الساعة
السحرية لأجزاء أو مجموعة فترات زمنية مختلفة، ويمكن الاستفادة منها بطرق مختلفة ومفيدة، وأحد
الأجزاء أو الفترات المهمة هو بعد غروب الشمس وبداية حلول الظلام، حيث تتزايد
الظلال وتنتشر بقوة تمهيدا لفترة الليل، أو العكس في الشروق، فتبدأ هذه الفترة
بظلال قوية تمهيدا لفترة الشروق.
في حالة
الشروق، تظهر الظلال بوضوح قبل شروق الشمس بوقت طويل. أما في حالة غروب الشمس،
فإنها تظهر بوضوح في نهاية اليوم. ويمكن تسمية الفترة التي تعم فيها الظلال على
المكان ويكون الضوء ضعيف للغاية باسم الضوء الأول First Light، ويكون ذلك قبل شروق الشمس. أما هذه الفترة في
نهاية اليوم فتسمي باسم الضوء الأخير Last Light، والتي تكون عند غروب الشمس.
للحصول على
معلومات تقنية حول هذا الموضوع، فإن الساعة السحرية بأكملها هي فترة الشفق twilight، وهو ما يعني ببساطة أن الضوء يكون قادم من
الغلاف الجوي بدون أن تكون الشمس مباشرة. تسمى هذه الفترة أيضا باسم الشفق البحري،
وذلك لأنه يمكن ببساطة أخذ قراءات النجوم في اتجاه الأفق.
ولكن مرة أخرى
من الناحية الفنية، يحدث هذا عندما تكون الشمس بين 12 درجة و6 درجات تحت الأفق،
على الرغم من أننا لسنا بحاجة إلى أن نكون على هذا القدر من الدقة عند التصوير. فالنسبة
للتصوير الفوتوغرافي، تعتبر هذه الفترة قيمة جدا نظرا لأنها تستمر لفترة قصيرة
حوالي دقائق، وفيها تصبح السماء ملائمة والخطوط العريضة مثيرة للاهتمام بدرجة
كافية. وبالتالي، يمكن تقديم مشاهد بسيطة وقوية ودرامية للغاية.
في هذه الفترة
التي تبدأ الظلال في أن تعم المكان، يمكن إنشاء صور من الظلال Silhouettes، حيث الظلال تغطي وتعبر عن التكوين ويوجد ضوء بسيط
يوضح ملامح الصورة. وتظهر انحدارات وظلال جذابة، وتكون ألوان السماء دقيقة. ما
يميز الصور من الظلال هو أنها تكون بسيطة وقوية وهذا الميزة لا تتوفر في لقطات
الشروق الغروب التي يمكن أن تكون في كثير من الأحوال مبهرجة الألوان.
بالإضافة إلى
أن كثرة التصوير وقتي شروق وغروب الشمس، قد يجعل الصور تقليدية إلى حد ما. أما
بالنسبة للتخطيط والتحضير لإنشاء صور من الظلال. فإن ذلك قد يكون أسهل بكثير، وخاصة
في نهاية اليوم وليس في بدايته. فقد يستغرق الأمر حوالي ما يصل إلى 15 دقيقة للحصول
على مستوي من الدقة بالنسبة للإضاءة.
كما أن عملية الإعداد
والتخطيط قبل فترة الفجر قد يكون أمر صعب. هناك عدة خصائص رئيسية للتصوير في الضوء
الأول والأخير ولإنشاء صور من الظلال وهم، إن إنشاء صور من الظلال يكون مميز
للغاية، وقد تظهر لنا ألوان بشكل مفاجئ، ويجب التخطيط للموضوع، ويجب الأخذ في
الاعتبار أن الفترة التي تعم فيها الظلال على المكان تكون قصيرة وبناء على ذلك يجب
الأخذ في الاعتبار الإمكانيات المادية ومستوي المعدات والتحضيرات.
مثال (1)
مشهد في داون،
ريو كاراو، كانيما، فنزويلا. تم تصوير اللقطة في المياه الضحلة لنهر كاراو. إن الانعكاسات
من المياه الضحلة الساكنة على أطراف النهر جعلت المصور قادر على التنبؤ بطبيعة
المشهد وألوانه. وسهلت عليه عملية تحضير وتنظيم المشهد، حيث بدا له من الواضح أن
الانعكاسات ستكون مهمة، فهي تعمل مثل مرآة للسماء.
إن المشهد الذي تم تصوير خلاب ويثير اهتمام المشاهد على الفور. فهو مختلف، والتصوير من خلال إنشاء صور من الظلال مع استغلال ضوء الشمس الضعيف جعل من الممكن إنشاء صور خلابة ورائعة ومميزة قد لا يمكن عمل مثلها في لحظات الشروق أو الغروب نفسها. حيث لاحظ المصور أن معظم أجزاء الموقع في الظلال، وأن هناك لمسة من اللون البرتقالي وهي ما أثارت انتباهه. أما بقية المشهد، فعبارة عن منحدر من اللون البنفسجي الباهت والذي يتدرج حتى الأزرق الداكن ثم الأسود.
مثال (2)
رسم ثلاثي الأبعاد في يانجون، ميانمار. يمكننا ملاحظة وجود طبقتين منفصلتين للسماء. حيث يمكن تقسيم الصور من الظلال بجميع أنواعها. فيمكن عمل ذلك بشكل بياني أو برسم ثلاثي الأبعاد، فيمكن تقسيم اللقطة إلى طبقتين، طبقة توضح الصورة من الظلال، وطبقة الخلفية الملونة أو السماء الملونة.
مثال (3)
مشهد يوضح
جمال الإضاءة الليلية بمناسبة مهرجان اكتمال القمر، في يانجون، ميانمار. تتميز هذه
اللقطة عن المثال الأول بأن هناك الكثير من الألوان في السماء. يهيمن على ألوان
السماء اللون البنفسجي أو الأرجواني الذي لا يقاوم. أما في منطقة مقدمة المشهد
فيظهر بها جمال منطقة مهرجان الأضواء السنوي، حيث تم التصوير في فترة المساء.
إن وجود اللون الرمادي (في السحب) يمنح المشهد لوحة ألوان جذابة ومثيرة للاهتمام، ومرة أخرى نذكر أنه لو تم المقارنة بتصوير نفس المشهد في وقت غروب الشمس المتوهج، سيصبح المشهد تقليدي إلى حد ما ويفتقد التميز الذي تصنعه فترة انتشار
الظلال.
أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء
قريب بإذن الله
المراجع
والمصادر
كتاب "التقاط
الضوء - قلب التصوير".
CAPTURING LIGHT - The Heart of Photography
لمزيد
من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي
حساب
"مدونة ألوان" على فيسبوك.
حساب
"مدونة ألوان" على انستجرام.
حساب "مدونة ألوان" على تويتر.
ليست هناك تعليقات