ضع اعلان هنا

اخر الأخبار

التصوير الفوتوغرافي / السماء الزرقاء (1)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

التصوير الفوتوغرافي / السماء الزرقاء (1)


التصوير الفوتوغرافي / السماء الزرقاء (1)   

Blue Skies (1)

 

السماء الزرقاء / التصوير في نهاية النهار

Blue Skies / Remains of the Day

في نهاية اليوم وفي بعض الأحوال قد تتلون السماء بلون أزرق واضح، ويمكننا رؤية ذلك بوضوح، حسب طبيعة الموقع أو المكان الذي نكون فيه. ويطلق علي هذه الظاهرة أيضا أسم "الأمسيات الزرقاء Blue Evenings". يظهر ذلك بوضوح في المناطق التي تحتوي مناظر طبيعية، وفيها يمكننا رؤية زرقة السماء بوضوح في نهاية اليوم وقبل ساعة الغروب وحلول الليل. إننا نرى السماء زرقاء بسبب الطول الموجي للون الأزرق، ولون السماء جزء من ذاكرة الإنسان فهو لون تراه العين والعقل.


تتكيف العين مع لون السماء الأزرق، فعلى سبيل المثال، إذا وقفت وانتظرت غروب الشمس حتى حلول الظلام، فإن عينيك ببساطة تقبل الضوء على أنه "ضوء طبيعي"، وليس ملونًا. تعتبر ألوان السماء في هذه الحالة مميزة ومرغوبة فهي ليست تقليدية بالنسبة للإنسان. وتعتبر هذه الإضاءة مميزة للغاية في فن التصوير الفوتوغرافي.


يستطيع المصور استغلالها في تصوير المشاهد الخارجية. فهي جذابة للغاية، فهي تتضمن إضاءة إضافية. حيث في المعتاد بنهاية اليوم يتم استخدام إضاءة الكهرباء، وتعتبر السماء الزرقاء إضاءة إضافية في المشهد، مما يساعد في إنشاء تكوين جذاب. تعتبر هذه الإضاءة شائعة في عالم التصوير الفوتوغرافي وخاصة في مجال تصوير المنتجعات والفنادق الفاخرة، حيث يكون الهدف هو زيادة رغبة المشاهدين في زيارة المكان.


تتحول السماء إلى اللون الأزرق في نهاية اليوم، ويحدث هذا قرب نهاية الساعة السحرية (أو العكس، بالقرب من بداية اليوم إذا كان ذلك في الصباح الباكر جدًا)، وهو وقت خاص ومميز ومحدد جدًا. حيث تبدو السماء وكأنها ملونة بألوان الباستيل، وأحيانًا قد يكون لها تأثير درامي حزين وخاصة بعد غروب الشمس، في هذا التوقيت يمكننا وصف ضوء السماء مثل منحدر الضوء الذي يتلاشى أثناء هبوطه في الليل. 


تستمر هذه الفترة لوقت قصير للغاية، وخاصة عند خطوط العرض المتوسطة والمنخفضة. ولأن العين تتكيف باستمرار وبشكل تلقائي وفطري مع تغير في لون السماء والتلاشي البطيء لضوء السماء، فقد تبدو السماء الزرقاء خلال هذه الفترة القصيرة وكأنها تندفع في المشهد بقوة ثم تختفي بسرعة. وبناء على ذلك حاول أن تكون جلسة التصوير لا تزيد عن مدة 10 دقائق فقط.


هناك ثلاث خصائص رئيسية للتصوير في السماء الزرقاء أو الأمسيات الزرقاء وهم، تحول لون السماء إلى لون أزرق قوي وهادئ، يمكن رؤية التباين بين الألوان بوضوح، ويجب الأخذ في الاعتبار مدة جلسة التصوير، حيث يحل الظلام بقوة وتتغير ألوان السماء فتميل إلى أن تكون مظلمة.


وفيما يلي بعض الأمثلة عن التصوير في السماء الزرقاء، وتم تصويرها كلها في نفس الموقع في منتجع بريليانت، جينغمايشان، يونان، الصين.


مثال (1)

صورة لعارضة تمارس رياضة اليوجا، في منتجع بريليانت، جينغمايشان، يونان، الصين. حيث قام المصور بالتقاط صورة لعارضة أزياء في وضع يوجا كلاسيكي على حافة حوض السباحة مع تصوير جبال الشاي على مسافة بعيدة. المشهد يعبر عن الهدوء والسكينة، حيث السماء الزرقاء تعبر عن ذلك، ووضع العارضة في الصورة يدعم هذا الإحساس.


كما نلاحظ في اللقطة صف من الشموع في أواني زجاجية، وهي تعمل مثل إضاءة ثانوية صغيرة. هذه الإضاءة الثانوية تعمل على جعل المشهد هادئ وناعم، مما يقوي الإحساس في اللقطة. وقام المصور بتصوير عدة لقطات في نفس الموقع، ولدعم إضاءة الشموع الثانوية قام بوضع مجموعة من مصابيح التنجستين الكهربية القوية على جانب من إطار المشهد لإظهار تأثير الشموع.


لعمل تباين ألوان قوي في الصورة، قام المصور باستخدام الألوان المكملة. وهي الألوان التي تقابل بعضها البعض على عجلة الألوان، واللون المكمل للأزرق هو البرتقالي، وبما أن معظم المشهد تغطيه ألوان السماء الزرقاء القوية فمن الجيد استخدام اللون البرتقالي المكمل كما نلاحظ في صف الشموع الصغيرة. 

التصوير الفوتوغرافي / السماء الزرقاء (1)


هناك قاعدة بسيطة معروفة عن الألوان المكملة، وهي إذا أردنا استخدام لونين مكملين معا، فلا يجب وضعهم معا بشكل متساوي، بل يجب أن يكون لأحدهما النسبة الأكبر في المساحة، حيث أن وجود الألوان المكملة (وهي مثل الأحمر والأخضر، والبرتقالي والأزرق، والأصفر والبنفسجي) يخلق التباين. فعلى سبيل المثال، إننا نرى الزهرة الحمراء بوضوح إذا تم وضعها في مساحة كبيرة من النباتات والحشائش الخضراء.

 

إن استخدام المصور لتباين الألوان التكميلي يعمل على جعل المشهد جذاب بشكل طبيعي، حيث هناك أضواء برتقالية زاهية صغيرة تتعارض مع إطار أزرق عميق كبير. ولأن الإضاءة كانت مميزة للغاية قام المصور بعمل إصدارين من الصورة، واحد باستخدام الإضاءة الواضحة وأخر باستخدام إضاءة مظلمة قليلا، ولكنه في النهاية فضل الإصدار المضيء.


مثال (2)

كما نلاحظ في الصورة أربع إصدارات لنفس المشهد، الفرق بين الصورتين العلوية والسفلية 48 دقيقة، حيث خلالها ينتقل الضوء المحيط من اللون المحايد تقريبًا إلى اللون الأزرق المميز. 


مثال (3)

إعدادات مصابيح الإضاءة: حيث تم توجيه مصباح التنغستن والذي يستخدم في إضاءة المسارح من جانب واحد إلى حوالي 20 مترًا لإضاءة إصدار واحد من الصور.

التصوير الفوتوغرافي / السماء الزرقاء (1)


مثال (4)

الإصدارات المضاءة وغير المضاءة

رسم ثلاثي الأبعاد يوضح الفرق في توقيت التقاط الصور، حيث هناك فارق في التصوير دقيقة واحدة، ويختلف اللون والدرجة اللونية للنسختين، حيث لالتقاط الصورة بشكل صحيح يلزم تقليل التعريض الضوئي لضوء مصباح التنجستن. ونتيجة لذلك، يظهر ضوء المساء الأزرق بشكل أعمق في النسخة المضاءة. 


مثال (5)

أهمية الاستعداد والانتظار

قام المصور بالانتظار مسافة طويلة في الموقع حتى يستطيع الحصول على اللقطات بالشكل اللائق. فانتظر المصور على مدى ثلاث ساعات، وعندما بدأ العمل قام بوضع إضاءة خلفية في وقت متأخر من بعد الظهر، وانتظر حتى التوقيت الملائم، فاستطاع الحصول على الصورة النهائية الزرقاء وهي الأكثر جمالاً وتأملًا.


السماء الزرقاء / التصوير في مدة 10 دقائق

Blue Skies / The 10-minute Window

هناك بعض اللحظات الخاصة التي لا تدوم كثيرا في إضاءة السماء الزرقاء والأمسيات الزرقاء. خاصة عندما يكون الطقس صافيًا والشمس لطيفة التأثير وعندها يصبح الموقع أكثر جاذبية وجمالا. يعد من المميز استخدام إضاءة ثانوية كما في مصابيح التنجستين البرتقالية والتي تتناسب مع السماء الزرقاء الغنية. حيث يصبح لكلاهما تأثير لطيف على المكان وخاصة عندما يكون كلاهما متوازنًا بشكل جيد من حيث السطوع. 


في المناطق والمواقع المميزة عندما تكون الطبيعة لها خصائص مميزة يتم الأخذ في الاعتبار عند بناء أي مشروع الاستفادة من جمال الطبيعة. فمثلا، في مجال التصميم المعماري للمنتجعات والقري السياحية وما إلى ذلك، يتم الأخذ في الاعتبار أهمية إظهار جمال الطبيعة. وكذلك أهمية إظهار جمال الحياة البدائية، فكثيرا ما نجد أشياء مثل أكشاك من الخوص وسعف النخل وغيره.


يأخذ المهندسون المعماريون في الاعتبار أهمية الإضاءة في الليل، فيتم تصميم وحدات إضاءة بشكل يتوافق مع جمال المناظر الطبيعية وجمال السماء في فترة المساء والليل. فقد نجد مثلا، مصابيح صغيرة في السقف، ومصابيح تحت المقاعد، ومصابيح مخفية لإظهار الجزر الغارقة، والفيضانات تحت الماء وغيره.


إن المزج بين الإضاءة الطبيعية والإضاءة الصناعية يخلق نوع من السحر بالمكان، ويجعل فترة المساء مميزة وخاصة. من الأشياء المميزة التي تجعل فترة المساء مميزة هو أنه لا توجد الكثير من العناصر المشوشة، حيث في فترة النهار تظهر كل العناصر بوضوح وبشكل صارخ بسبب قوة ضوء الشمس، أما في فترة المساء فتصبح الأشياء أكثر ظلاماً. وتظهر ميزة مهمة وهي تقليل الأشياء غير المرغوب بالمشهد.


إن السماء الزرقاء العميقة والإضاءة الكهربية تصنع مزيج كلاسيكي جذاب من الألوان المكملة، حيث كما تعرفنا أن اللون البنفسجي الأزرق العميق للسماء ذو المساحة الشاسعة يقابله اللون الأصفر البرتقالي للمصابيح الكهربية الصغيرة. يجب العلم أن الفترة التي يمكن الحصول فيها على هذا المزيج الكلاسيكي لا تستمر لفترة طويلة، فقد لا تزيد عن 10 دقائق.


هناك ثلاث خصائص رئيسية لجلسات التصوير القصيرة، وهم أنها قد لا تستمر لمدة لا تزيد عن 10 دقائق، إن السماء الزرقاء العميقة تتوافق بشدة مع أي نوع من الإضاءة الثانوية وخاصة لو كانت من درجات الأصفر والبرتقالي، والإضاءة الثانوية قد تكون مثل مصابيح التنجستن الكهربية أو إضاءة النار كما في نار المخيم، للحصول على لقطة فريدة يجب على المصور دراسة الموقع والتخطيط للمشهد وتحديد مواقع الإضاءة الثانوية.


مثال (1)

التوازن المتغير للون والضوء

رسم ثلاثي الأبعاد يوضح تغير اللون والضوء خلال جلسة التصوير القصيرة. كما نلاحظ سلسلة من المكعبات توضح العلاقة بين أضواء السماء الزرقاء وأضواء مصابيح التنجستن الصناعية. يمكننا ملاحظة أن التباين في الإضاءة يختلف حسب التوقيت من اليوم، فتبدأ المكعبات بالنهار وتنتهي عند الليل.


المكعب الأكبر يعبر عن السماء، والمكعب الأصغر هو ضوء مصباح التنجستن. تبدأ المكعبات من اليسار بالترتيب بضوء النهار، فترة بعد الظهر المتأخرة، وقت الغروب، الساعة السحرية، الأمسيات الزرقاء أو السماء الزرقاء، وقت حلول الليل. يمكننا ملاحظة أنه في وقت النهار، يكون التباين بين نوعي الإضاءة ضعيف جداً.


حيث الضوء يكون بالكاد مرئيًا، ويكون ضعيف التأثير جدا بالمقارنة بالمناطق المحيطة، مع ظهور القليل من الألوان. ويستمر هذا التأثير ويتغير بشكل تدريجي، حتى نصل لمرحلة غروب الشمس، وعندها وفي توقيت معين يمكن ملاحظة أن درجات حرارة الألوان تتطابق لفترة وجيزة، فكما نعلم أن الألوان يتم تقسيمها لألوان دافئة مثل البرتقالي والأصفر والأحمر وألوان باردة مثل الأزرق والبنفسجي.

التصوير الفوتوغرافي / السماء الزرقاء (1)


ومع تعمق السماء بعد فترة غروب الشمس، لا يصبح ضوء التنجستن أكثر وضوحًا فحسب، بل يبدو أيضًا أكثر ثراءً في اللون. وفي هذا التوقين يظهر التباين بين الألوان وخصائص وجماليات الألوان المكملة. ويظهر هذا التأثير بوضوح ويكون في أشد حالاته في توقيت الجلسة القصيرة والتي لا تستمر طويلا. 


حيث يتحول اللون الأزرق إلى الأزرق الداكن، وذلك بالتحديد قبل حلول الليل، مما يخفف تأثير السماء الزرقاء العميقة هو التأثير المقابل لضوء التنجستن الذي يعمل مثل نقطة مهيمنة على ألوان السماء، تظهر للمشاهد بقوة ولكنها لا تحتل المساحة اللونية الأكبر، حيث المساحة الأكبر لألوان السماء، ولكن ذلك لا يقلل من جمال تباين الألوان الذي تصنعه مثل ألوان المصابيح الكهربية.


في التدوينة القادمة بإذن الله، يتم عرض بعض الأمثلة العملية عن جلسات التصوير القصيرة للسماء الزرقاء التي لا تزيد عن 10 دقائق.

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

كتاب "التقاط الضوء - قلب التصوير".

CAPTURING LIGHT - The Heart of Photography

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.

ليست هناك تعليقات