بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

التصوير الفوتوغرافي / الساعة الذهبية (2)   

Golden Hour (2)

 

في التدوينة السابقة تعرفنا على التصوير في الساعة الذهبية (1)، لقراءة المزيد.

الساعة الذهبية / مواجهة الضوء الذهبي الناعم

Golden Hour / Facing into Soft Golden Light

المقصود بالإضاءة الناعمة أن أشعة الضوء ليست حادة وأن أثارها تظهر غير واضحة الحدود ومنتشرة الأطراف، مما يترك أثر جذاب بالمشاهد. يمكننا أن نجد هذه النوعية من الإضاءة عندما لا تكون الشمس قوية وحادة، كما في وقت الصباح الباكر حيث تكون الشمس غير قوية وتكون السماء صافية وتنفذ منها أشعة الضوء الناعمة.

في المعتاد يتعجل المصور بالتصوير أثناء الساعة الذهبية حيث أنها لا تدوم طويلا، وكذلك لأن الضوء يتغير بسرعة كبيرة وخاصة بدء من وقت منتصف النهار، ويقدم اتجاهات مختلفة للتصوير. عند مواجهة ضوء الشمس في المناطق التي تحتوي مناظر طبيعية، غالبا ما يغطي السماء الضباب، ويترك أثار خلابة بالمكان.

تعمل الإضاءة الناعمة على إظهار جمال الطبيعة، وخاصة إذا كان الموقع يضم أي نوع من المسطحات المائية، وقد يختلف التأثير حسب ظروف الطقس، فيعتبر وقت الخريف من أفضل الأوقات للتصوير باستخدام الإضاءة الناعمة، حيث يميل الجو إلى أن يكون بارد وفي نفس الوقت تعمل أشعة الشمس على إضفاء الدفء بالمكان.

عند مواجهة ضوء الشمس الناعم في الساعة الذهبية فإنها تغمر المشهد بتوهج ذهبي، ويظهر الضباب وخاصة في المناظر الطبيعية، والذي يعمل على تقسيم المشهد إلى مستويات مميزة. والأمر الأهم بالنسبة للمصور هو أنه يمكن إبقاء الشمس في الأفق حتى ترتفع بضع درجات فوق الأفق. ويمكن تصوير أجمل المناظر الطبيعة كما في البحيرات والجبال وغيره.

تبدأ الساعة الذهبية في الصباح الباكر بعد شروق الشمس بنصف ساعة بالضبط. في السماء الصافية، تقطع أشعة الشمس المسافة على الفور بشكل سريع وتصل إلى الأرض. أما إذا كانت السماء تحتوي على ضباب فإن أشعة الشمس ستمر عبر الضباب وتأخذ وقت أطول قليلا. إذا كان موقع التصوير يحتوي بحيرات أو أنهار أو أي نوع من المسطحات المائية، فمن الجيد التصوير والمياه ساكنة.

حيث أن المياه الساكنة لها تأثير خلاب، فهي تقوم بعمل انعكاس لكل العناصر حولها من صخور، جبال، أشجار، أجزاء من السماء والسحب وغيره. مما يخلق حالة درامية مختلفة واحساس بالسكون بالمكان، ويجعل المشهد له طابع درامي مؤثر. في بعض الأحوال قد يكون من الجيد تصوير بعض العناصر البشرية في مثل هذه الأماكن، ولكن بالشكل الذي يتناسب مع طبيعة المشهد.

مثال (1)

في الصورة أدناه لقطة لصياد مع طائر مائي، على نهر يولونغ، قويتشو، الصين. قام المصور بالتقاط الصورة في الصباح الباكر في فصل الخريف، وكان الضباب ينتشر في المكان والمياه ساكنة مما يسمح بوجود الانعكاسات، وأراد التعجيل حتى لا تفوته الساعة الذهبية لأن الضوء يتغير بسرعة كبيرة. وكان ضوء الشمس يغمر المشهد بتوهج ذهبي.

كان وقت التصوير هو الساعة 7:35 صباحًا، أي بعد شروق الشمس بنصف ساعة بالضبط. أدي وجود الساعة الذهبية إلى خلق جو درامي خلاب بالمشهد وخاصة لأنه يحتوي عناصر طبيعية مثل النهر والجبال والأشجار. وكانت المياه تعكس معظم عناصر المشهد مثل قمم الحجر الجيري الجميلة والتي يشتهر بها هذا الجزء من الصين، وحتى السماء الرقيقة.

قام المصور بتضمين عناصر بشرية في المشهد مع توظيفها بحيث تتوافق مع المشهد. فقام بتصوير بعض الصيادين المحليين اثناء العمل مع بعض الطيور المائية، وكان الصياد يتجه نحو مجرى النهر، وقام المصور بالتقاط الصورة له مع القارب والطيور المائية في وقت شروق الشمس مع الانعكاسات والأشعة الذهبية والمنظر الخلاب.

كانت درجات أشعة الضوء الناعمة حساسة للغاية، وبناء على ذلك قام المصور باستخدام أبطأ حساسية للكاميرا مثل ISO 100. وقام بالتصوير على نطاق واسع إلى حد ما باستخدام فتحة عدسة واسعة ورقم توقف ƒ/5.6 ، وذلك للسماح للعمل باستخدام سرعة غالق آمنة والتي تعادل حوالي 1/125 ثانية. 

قام المصور بالتصوير من قارب أخر في المياه، ولم يواجه المصور مشاكل في عمق المجال حيث أن المشهد بعيد. حاول المصور الاحتفاظ بالشمس وبلونها الرقيق واستخدام التنسيق (الخام) Raw في التصوير والذي يساعد في عمل معالجة للخام بدقة كبيرة وفرصة للتعديل عليه لاحقا. 

مثال (2)

نفس المشهد السابق، ولكن قام المصور بالتقاط صورة أخرى مع التركيز على الطيور المائية. ومع تغيير بعض عناصر المشهد مثل الطيور، فإن اللقطة أصبحت مختلفة، حيث أن وجود الطيور أدى إلى إضفاء الحركة في الصورة، فهي تغوص وتبحث عن الأسماك. كان استخدام انعكاس الشمس في تموجاتها أمرًا متعمدًا، وقام المصور بضبط موقعة لكي يستطيع تصوير التموجات الجميلة. 

مثال (3)

نفس المشهد السابق، كما نلاحظ أن المصور قام بعمل 6 إصدارات في نفس الموقع. حيث كان يقوم بالبحث عن الموقع الأفضل للتصوير. وفيما يلي النسخ والإصدارات التي تم تصويرها قبل اللقطة الرئيسية.

الأول: وهي قبل العثور على الموقع الرئيسي. وكان المكان جميل جدًا ولكن الساعة كانت متأخرة قليلاً، حوالي عند الساعة 8:50 صباحًا، حيث كان شروق الشمس عند الساعة 7:05 صباحًا.

الثاني: وهو عند العثور على الموقع الرئيسي، والتقط الصورة باستخدام المنظور الجوي، ولكن كان الوقت متأخر جدًا، حوالي عند الساعة 9:54 صباحًا.

الثالث: في نفس يوم تصوير اللقطة الرئيسية، كانت هناك بعض القوارب والصيادين يعملون عند مجرى النهر، حوالي عند الساعة 7:15 صباحًا، ولا يزال النهر له لون مزرق، وذلك على الرغم من أن الشمس قد أشرقت في مكان ما خلف الجبال.

الرابع: لقطة عند ظهور بعض الألوان في السماء عند الساعة 7:20 صباحًا، وكان المصور يقترب من الموقع الرئيسي.

الخامس: عند الساعة 7:30 صباحًا، وكانت الشمس تطلع للتو. وقام المصور بالتقاط الصورة من قارب، وذلك لإبقاء الشمس على الحافة باللقطة.

السادس: تم التقاط الصورة في تمام الساعة 7:40 صباحًا. عندما كانت الشمس واضحة وتزداد قوة وتجعل المكان مضيء.

الساعة الذهبية / اللحظات الأخيرة

Golden Hour / Last Moments

المقصود الساعة الذهبية في اللحظات الأخيرة، هي اللحظات عند غروب الشمس، حيث يتحرك الضوء خلال هذه الفترة بشكل أسرع من أي وقت آخر من اليوم، وقد تستمر حوالي ساعة أو ساعتين، ويتصف هذا الوقت بأنه ديناميكي ومتحرك. حيث تميل الشمس نحو النهاية في ساعة الغروب، وتكون زاوية الشمس حادة جدًا بحيث يتحرك نمط الظلال وكذلك الضوء الذي يسقط على المناطق البارزة من العناصر بشكل واضح.

خلال هذا الوقت هناك دقيقة معينة تكون ذهبية أو تميل إلى أن تكون كذلك، وهي عندما تلامس الشمس الأفق، وهي أقصر لحظة من الضوء في يوم عادي. وهي مميزة ليس فقط لأننا في أي مكان يمكننا ملاحظتها، ولكن لأنها أيضا تضيء جزءًا صغيرًا فقط من المشهد. في هذه اللحظات قد يظهر لون الشمس بشكل مميز للغاية.

خاصة اللون الأحمر المكثف لألوان غروب الشمس والسماء، والذي قد يكون له قيمة عالية بالنسبة للعديد من الأشخاص، حيث أن معظم الناس يفضلون الألوان الدافئة، ولكن ذلك قد يكون له استثناءات فهناك بعض الأشخاص الذين يفضلون الألوان الباردة. مع التدقيق في هذا التوقيت قد يحتاج المصور للاستعانة بالعد التنازلي أثناء العمل للحصول على اللقطة في التوقيت المناسب.

في حالة أن تكون السماء صافية تمامًا، فإن ذلك يسمح للمصور بتوقع مسار الظلال ومن ثم إمكانية إعداد اللقطة وأخذ الملاحظات. وهناك العديد من الأشياء التي يمكن ملاحظتها، مثل أن الظلال تنتقل إلى الأعلى، مما يعني أن ذلك سيقلل المساحة المضاءة حتى تنقسم إلى بقع وفي النهاية إلى نقطة واحدة. ومع تقليل المساحة المضاءة، فإنها تؤثر على التكوين.

ولموازنة ذلك قد يحتاج المصور لمراجعة التعريض الضوئي بالكاميرا. وكذلك قد نلاحظ أن هناك تعقيد في حواف الظل. والتي تتحدد وفقا لمدى وضوح الغلاف الجوي. وكلما انخفضت الشمس، زادت أشعة الضوء الذي ينتقل عبر هذا الغلاف الجوي. ولا يظهر هذا التأثير بوضوح قبل وقت الغروب، سواء في وقت متأخر بعد الظهر أو قبل نصف ساعة من غروب الشمس.

يمكن أن يتضاءل تأثير الظلال فجأة كلما قاربت لحظة الغروب على الانتهاء. هناك تأثير متسارع آخر على الحواف يأتي من اتجاهات مختلفة، وذلك عندما تنخفض الشمس، وفيه تلعب الأجسام البعيدة، مثل التلال، دورًا واضحا، فتصبح حواف الظلال أكثر ليونة. وبالتزامن مع الظلال فإن ضوء الشمس يكون واضح وقوي.

فنلاحظ في المشهد قوة الظلال وقوة الإضاءة معاً. تتجه الظلال إلى أن تصبح مفتوحة بشكل تدريجي، وتصبح المناطق المضيئة أقل كثافة. وتظهر العناصر وخاصة البارزة ذات حواف ناعمة. فتضفي قدر من الجاذبية باللقطة وتقوى شعور لدى المشاهد بالإحساس باليوم وهو يتلاشى مع غروب الشمس في نهاية كل اليوم.

هناك ثلاث خصائص رئيسية للتصوير في اللحظات الأخيرة من اليوم بالساعة الذهبية وهي التدقيق في اختيار التوقيت، ترقب اللحظة المناسبة، والأخذ في الاعتبار حواف الظلال.

مثال (1)

التصوير باستخدام المنظور الجوي، والظلال الناعمة

رسم ثلاثي الأبعاد لمعبد في الهند، أخذ المصور في الاعتبار مسألة حواف الظلال. كان الهواء والطقس صافي عند غروب الشمس مما أثر على حافة الظلال حيث يمر ضوء الشمس عبر الغلاف الجوي السفلي أكثر من وقت سابق من اليوم. حتى الضباب الطفيف يطمس الحواف. ويمكننا ملاحظة ذلك في الجهة اليمني من الظلال. 

مثال (2)

التصوير باستخدام المنظور الجوي، والاختلافات بين الظلال

رسم ثلاثي الأبعاد لمعبد في الهند، تعتمد حدة حافة الظل أيضًا على مدى قرب أو بعد ما يلقي الظل على الكائن. توضح الصورتان التباين الذي يأتي من مزيج من تأثيرات الجو والطقس ومدي تأثير قرب وبعد العنصر في المسافة. 

مثال (3)

صورة لوداي من الجبال في الصحراء. كانت الصخور في المشهد من الحجر الرملي، وأدت إلى وضع إطار طبيعي حول منظر السماء وغروب الشمس، تعمل ألوان أحجار الجبال مع أطراف الظلال على خلق التباين القوي بين الألوان. كان المصور على بعد دقيقة واحدة من غروب الشمس، وكان الهواء نقي جدًا لدرجة أنه كان يتغلغل بالموقع كما هو الحال في وقت منتصف النهار. 

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

كتاب "التقاط الضوء - قلب التصوير".

CAPTURING LIGHT - The Heart of Photography

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.