التصوير الفوتوغرافي / إضاءة النوافذ (2)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
التصوير الفوتوغرافي / إضاءة النوافذ (2)
Window Lighting (2)
في التدوينة
السابقة تعرفنا على إضاءة النوافذ (1)، لقراءة المزيد.
ضوء النافذة / تدفق ضوء الشمس
Window Light / Streaming Sunlight
عندما يتدفق
ضوء الشمس المباشر من خلال النافذة، يمكن أن يؤدي وجوده إلى نتائج سحرية تقريبًا، فهو
يؤثر على الأماكن ويجعلها أكثر جمالا وسحراً، ولكن يجب على المصور أن يأخذ في
الاعتبار أن الضوء في فترة النهار ينتقل من غرفة إلى أخري، ولذلك يجب أن يلتقط
اللحظة المناسبة. حيث قليلا ما يستمر الضوء المتدفق عبر النافذة لفترة طويلة.
ولتحقيق ذلك
في عالم التصوير الفوتوغرافي، قد تواجهنا بعض المشكلات ومنها ضبط التعريض الضوئي
(حجم الإضاءة بالصور) والذي قد يحدث بسبب التباين العالي. وكذلك إذا أردنا تصوير
ضوء الشمس المتدفق من النافذة فيُفضل اختيار النافذة المواجهة للشمال، أو على الأقل
نتوجه بعيدًا عن ضوء الشمس المباشر.
يأتي حجم أشعة
الشمس من نفس شكل النافذة، فإذا كانت النافذة كبيرة ومستطيلة كانت أشعة الشمس
كذلك، وكلما كانت النافذة كبيرة الحجم كانت أشعة ضوء الشمس كثيفة، سواء كان في
الغرفة أو المكان نافذة واحدة أو عدة نوافذ. إن أشعة الضوء تتحرك في الغرفة وفق
نمط معين وتسقط على الأرضية والجدران بنوع من النسبة والتناسب وذلك وفقا لحالة
الطقس بالخارج.
في هذا النوع
من الإضاءة يصبح لدينا أكثر من مصدر ضوء، المصدر الأول هو الضوء المتدفق عبر
النافذة، وكذلك عندما يضرب ضوء الشمس الأرض أو الجدار فيرتد بعيدًا، فإنه يصبح بحد
ذاته مصدرًا ثانويًا للضوء. من المعروف أن هذه النوعية من الإضاءة لها جاذبية خاصة،
فتترك أثر خلاب في اللقطة.
لعمل صورة
جذابة يجب على المصور اختيار زاوية التصوير المناسبة للقطة، بحيث تعمل على إظهار
جمال المكان وتأثيرات أشعة الشمس المتدفقة في الغرفة. حيث أن جمال اللقطة يعتمد
بشكل كبير على زاوية التصوير. في المعتاد تمتد أشعة الشمس لتغطي معظم المكان وتمر من
خلال نافذة عادية، وللحصول على لقطة ناجحة يجب أن تكون الشمس منخفضة إلى حد ما، أي
أقل من حوالي 40 درجة مئوية.
في عالم
التصوير في المناظر الداخلية، يجب العلم أن زمن التصوير يكون قليل، حيث لا يستمر
تدفق الأشعة لفترة طويلة. فمثلا، إذا تم الانتظار قليلا، قد تصبح الألوان باهتة،
واللقطة تقليدية لا يوجد بها أي شيء مميز. هناك بعض العناصر في الأثاث الداخلي قد
تتفاعل مع تدفق أشعة الشمس، مثل حدود النوافذ التي تصنع إطاراً جذاباً.
كذلك هناك بعض
أجزاء من قطع الأثاث تبدو أكثر سطوعا عندما تسقط عليها أشعة الشمس، ولكن بشكل عام
لا يجب أن يكون تأثيرات تدفق أشعة ضوء الشمس مبالغ فيها، حيث يُفضل أن يكون هناك
نوع من التدرج، من الأشعة القوية إلى الخفيفة، بحيث تتوافق مع مكونات الغرفة أو
طبيعة التكوين.
هناك ثلاث
خصائص رئيسية لتصوير أشعة ضوء الشمس المتدفقة عبر النوافذ. وهي أن الضوء يكون له
نمط وطبيعة خاصة ومميزة، يُفضل التصوير عندما تكون الشمس منخفضة، عندما ترتد أشعة
الشمس على الأرض أو الجدران فإنها تعتبر مصدر ضوء ثانوي.
مثال (1)
تصوير نمط ضوء الشمس المتراكب
رسم ثلاثي
الأبعاد، يضفي النمط المعروض للنافذة إحساسًا واضحًا بالسطوع على الصورة، وهو
تأثير يتم تقليده أحيانًا في إضاءة الاستوديو.
مثال (2)
في الصورة أدناه، قاعة
الاجتماعات بقرية بليزنت هيل شاكر بولاية كنتاكي، الولايات المتحدة الأمريكية، في الصورة
لا يقتصر تأثير ضوء الشمس على الأرض والجدار البعيد فحسب، بل إن الانعكاسات
الثانوية أيضًا تجعل السقف السفلي على اليسار يتوهج بجاذبية تجعل المشهد خلاب،
واستطاع المصور التحكم بقوة سطوع أشعة الضوء بحيث لا تضر المشهد.
مثال (3)
قاعة المدخل مونتايسلو فيرجينيا، الولايات المتحدة الأمريكية، تم تصوير أشعة ضوء الشمس بعد نصف ساعة من شروق الشمس، وهو ما يفسر الدفء والأضواء اللامعة التي تنتشر على الحائط، كان من الممكن أن تصبح اللقطة باهتة لو تأخر المصور قليلا من الوقت لتصوير اللقطة.
ضوء النافذة / النوافذ الضيقة، وتأثير الظلال
Window Light / Narrow Window, Dark Space
قديما وفي
الماضي وخاصة قبل تطور عالم التصميم الداخلي والديكور، كانت الغرف وخاصة الصغيرة
لها نوافذ ضيقة وصغيرة، وكانت الغرف مظلمة كما في البيوت القديمة التي كان يتم
بنائها بالخشب والخيزران. أما في الحياة المعاصرة، لفقد أصبحت النوافذ أكبر حجمًا،
نظرًا لوجود رغبة في معظم أنحاء العالم تقريبًا في مجال التصميمات الداخلية في
الحصول على غرف مشرقة.
ولكن ذلك لا
يمنع المصور من اكتشاف المجهول والوصول إلى أشياء مميزة، فإذا قمنا بالتصوير مثلا
في غرفة مظلمة ذات نوافذ صغيرة وضيقة فإنها تترك في نفوسنا أثر باكتشاف نوع من
الأسرار الخفية. مما قد يمنح المصور فرصة لصنع صورة مختلفة ومثيرة للاهتمام. عندما
يتسرب الضوء من مساحات صغيرة فإنها بقية المكان يكون في الظلام.
هذه النوعية
من الإضاءة تجعل المكان به بؤرة مضيئة وبقية المكان مظلم ولكن بدون وجود أشعة حادة
أو مركزة. في حالة التصوير في مثل هذه الأماكن حاول تجنب التصوير في اتجاه
النافذة. وكذلك حاول عدم إظهار أي عنصر في الظل القوي لأنه سيبدو أسود. وقم بضبط التعريض
الضوئي ودرجات التوقف ƒ-stops
بالكاميرا.
في حالة تصوير
البو تيريه قد يكون من الجيد استخدام درجات توقف مثل 1.5، مع ملاحظة أن التعريض
المفرط قد يؤدى إلى تدمير اللقطة. هناك ثلاث خصائص رئيسية للتصوير من خلال منافذ النور
الضيقة وهي، استخدامها في التصوير في عالم التصميم الداخلي والديكور، إمكانية
تسليط الضوء على عنصر ما، استخدام التقنية المعروفة باسم كياروسكورو Chiaroscuro والتي تستخدم التباين القوي.
مثال (1)
نافذة واحدة صغيرة عالية
رسم ثلاثي الأبعاد، يوضح التصوير في حالة أن تكون الغرفة مظلمة وبها منافذ نور عالية وضيقة.
مثال (2)
استخدام هياكل المنازل في التصوير
في الصورة أدناه، رسم ثلاثي
الأبعاد، يوضح أن الأفاريز المنخفضة المتدلية تسمح بدخول نطاق ضيق من الضوء المرتد
إلى الداخل، ولكن التصوير في المناطق الاستوائية يجعل اللقطة لا تظهر مظلمة بل
تظهر ساطعة، وبالتالي لا توجد مشكلة في إضاءة اللقطة، قام المصور بتصوير منزل كبير من الخيزران يقع على تلة، وبدون نوافذ.
كان الضوء المتاح هو الضوء المرتد من تحت الأفاريز المتدلية العميقة والذي اعتاد المصور عليه بعد لحظات من دخول المكان. قام المصور بالمشي والدخول من الظلام الدامس حتى الوصول إلى ضوء الشمس الساطع، وانتظر برهة حتى تكيفت عيونه مع الإضاءة.
مثال (3)
صورة لفتاة صغيرة، قرية ماو لا أخا، مقاطعة شيانغ راي، تايلاند. في نفس المنزل بالمثال السابق. استطاع المصور استغلال منافذ النور الضيقة للحصول على لقطة مميزة. فعندما رأي الفتاة الصغيرة قام بتصويرها في ظروف الإضاءة الخاصة بالمكان، حيث أن الفتاه كان تجلس في مساحة كبيرة تجعلها تبدو وكأنها تبرز في الظلام، دون أن تكون مضاءة بشدة. وكان مستوى الضوء منخفضًا جدًا وعندها استطاع المصور الحصول على لقطة جذابة وشاعرية.
ضوء النافذة / استخدام وإدارة العديد من النوافذ
Window Light / Managing Several Windows
في المعتاد
تحتوي معظم الغرف في العصر الحالي على العديد من النوافذ حسب مساحة المكان، فأي
غرفة تحتوي على نافذة كبيرة أو نافذتين على الأقل. في المعتاد تحتوي الغرفة على
نافذتين مثبتين جدار واحد بحيث يأتي الضوء من اتجاه واحد، وتسقط أشعة الشمس بوضوح
على الأرض والجدران.
وفي حالة أن
تكون هناك عدة نوافذ في نفس المكان فيجب على المصور إذا أراد تصوير المكان أن يقوم
بتنظيم مساحة العمل ومنافذ النور، وخاصة إذا كانت النوافذ على جدران مختلفة، حيث
أن تصوير النوافذ في المكان يعطي المكان طابع الثراء والمساحة الواسعة والمستوى
الرفيع. فعلى سبيل المثال، تحتوي القصور على غرف أكبر من الشقق البسيطة، ولذلك فهي
تحتاج من المصور إلى تنظيم وترتيب مستويات الإضاءة.
في المعتاد
تكون النوافذ مغطاة بالستائر، مما يعطي فرصة للمصور باختيار النوافذ المطلوبة
وترتيب منافذ الإضاءة. في حالة أن تكون جميع الستائر مفتوحة فإن ذلك يعني أن مجموع
الأضواء سيكون حوالي ما يساوي زاوية 360 درجة، وكأننا تقريبًا نعمل في استوديو
مضاء بضوء النهار الطبيعي.
تعمل منافذ
الضوء المتعددة على إنشاء سطوع ولامعان في اللقطة يجعل بعض أجزاء الأثاث وقطع
الديكور تظهر بشكل أكثر جمالا وجاذبية. هناك ثلاث خصائص رئيسية عند التصوير
باستخدام العديد من النوافذ بالغرف وهي، وجود عدة منافذ لأشعة الضوء، توازن
الإضاءة بسبب تطابق أشكال منافذ الضوء، يمكن تصوير لقطة فريدة عند استخدام التركيز
الضحل Shallow Focus
لعدسة الكاميرا.
مثال (1)
اعدادات تصوير مشهد في مكان متعدد النوافذ
رسم ثلاثي الأبعاد لمعبد بوذي في مدينة وات ماها ليب، كومبونج شام، كمبوديا. الرسم يوضح أهمية تخطيط وترتيب أشعة الضوء التي تمر عبر النوافذ والأبواب سواء المفتوحة والمغلقة، ونلاحظ على الرسم موقع العمود المراد تصويره باللقطة.
مثال (2)
اللقطة الحقيقة
لمعبد بوذي في وات ماها ليب، كومبونج شام، كمبوديا. إن المعبد البوذي الجميل مصنوع
من خشب الساج في كمبوديا، الهيكل عبارة عن مساحة واحدة، قائمة بذاتها مع سلسلة من
النوافذ والأبواب على الجوانب الأربعة. عندما لا تكون قيد الاستخدام، تظل جميع
الستائر مغلقة، مما أعطي المصور فرصة لتنظيم وترتيب تأثيرات أشعة الضوء التي تمر
عبر النوافذ.
كان هدف
المصور هو إظهار جمال الأعمدة المصنوعة من خشب الساج بالتفصيل، والمطلية باللون
الأسود والمزخرفة بالذهب. حيث أنها أعمدة مميزة للغاية وفريدة من نوعها ولا يتوفر هذا الطراز المعماري كثيرا. يعود تاريخ المبني إلى القرن التاسع وكان يستخدم قديما كمستشفى، قام المصور
بتخطيط وترتيب وتنظيم شكل أشعة الضوء التي تمر عبر النوافذ.
واستغل المصور
منافذ الضوء ليجعل أعمدة المكان تظهر أكثر سطوعاً ولامعاناً مما أدى إلى إظهار
جمالها المعماري الفريد. فقام باستغلال النافذتين على اليسار واستخداماهما كإضاءة
رئيسية على العمود باللقطة. وكذلك قام بوضع ضوء كاشف رفيع يمتد من جهة الباب إلى
اليمين وما بعده.
كان المصور
يخطط لتصوير لقطة مقربة، ولكنه قرر تضمين الخلفية في الصورة ولذلك لإيضاح جمال
اللقطة، فوضع خلفية توضح أو تعطي فكرة عن عدد الأعمدة وشكلها، وتظهر مظلمة بشكل
أساسي في اللقطة، ولكن في نفس الوقت يمكن رؤيتها بسبب وضع إضاءة جانبية كافية
عندها.
تعمل الأعمدة
في الخلفية على إظهار العمود الرئيسي في التكوين بالتفصيل. ولتعزيز إضاءة اللقطة
قام المصور بفتح الباب المقابل أقصى اليسار وذلك لتعزيز الإضاءة على الأعمدة
بالخلفية. قام المصور بالتقاط الصورة باستخدام التركيز الضحل من عدسة ذات فتحة
واسعة (85 مم ƒ/1.4 عند الفتحة
الكاملة) بشكل متعمد ومقصود، وذلك للحفاظ على تركيز الاهتمام على تفاصيل العمود
الأقرب في الصورة.
مثال (3)
في الصورة أعلاه، اللقطة هي
لنفس المعبد البوذي في كمبوديا. الفرق بين هذه اللقطة والمثال السابق، هو أن
المصور قام بتصوير المكان بشكل تقليدي مع عدم الأخذ في الاعتبار تأثير النوافذ
المتعددة.
أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء
قريب بإذن الله
المراجع
والمصادر
كتاب "التقاط
الضوء - قلب التصوير".
CAPTURING LIGHT - The Heart of Photography
لمزيد
من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي
حساب
"مدونة ألوان" على فيسبوك.
حساب
"مدونة ألوان" على انستجرام.
حساب "مدونة ألوان" على تويتر.
ليست هناك تعليقات