بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الرسم والتصوير / "إيتن" والتباين: تدرج اللون والتباين المتزامن

"Itten" and Contrast: Simultaneous & Hue Contrast

 

تباين الألوان لـ "يوهانس إيتن"

Color Contrast by Johannes Itten

صاغ يوهانس إيتن Johannes Itten وهو واحد من أهم علماء ومنظرو الألوان منهجًا لدراسة الألوان تعبر عن صفات الألوان (تدرج اللون، القيمة، والتشبع) وحدد أنك هناك سبعة أنواع من تباين الألوان وهم: تباين تدرج الألوان Hue، التباين من الفاتح للغامق، التباين من الدافئ البارد، التباين للألوان التكميلية، التباين المتزامن، تباين التشبع، وتباين الامتداد.

وفيما يلي الأنواع السبعة لتباين الألوان.

تباين تدرج اللون

Hue Contrast

وضع يوهانس إيتن Johannes Itten سبعة أنواع من تباين الألوان، النوع الأول هو تباين تدرج اللون. المقصود بتدرج اللون Hue هو أسم اللون أو لون الصبغة مثل لون أحمر، أصفر، أخضر، وهكذا. توجد جميع الألوان بمختلف درجاتها على عجلة الألوان، وعلى أساس عجلة ودائرة الألوان يتم عمل نظم الألوان بناء على العلاقات بين الألوان في دائرة الألوان.

وذلك مثل الألوان الأساسية والألوان الثانوية والألوان المكملة وهكذا. تتدرج الألوان على عجلة الألوان من الأصفر إلى الأزرق ثم الأحمر وبينهم تدرجات لونية وسطي، فمثلا، إن اللون الأزرق البنفسجي مرتبط بالألوان على جانبيه في دائرة الألوان وهي الأزرق والبنفسجي. يوجد تباين بين الألوان في عجلة الألوان يبدأ من التأثير الخفيف وحتى التأثير الدرامي.

يحتوي كلا من الأصفر والأخضر والأحمر على نسبة أو كمية من الأصفر. يمكننا ملاحظة التباين بين درجات الألوان في دائرة الألوان بالعين المجردة، وخاصة المتجاورة إلى جانب بعضها البعض. من نظم الألوان المعروفة نظام الألوان المتماثلة وهو نظام الألوان المتجاورة على عجلة الألوان مثل الأحمر، البرتقالي، والأصفر.

يجب العلم أنه كلما كان درجات الألوان متشابهة كلما قل التباين بين الألوان، وكلما كانت درجات الألوان بعيدة عن بعضها البعض على عجلة الألوان، زاد التباين. ويصل التباين لأقصي حدوده عندما تكون الألوان متضادة مع بعضها البعض تماماً، وهو ما يُعرف أيضا باسم نظام الألوان المكملة.

من أقوي الألوان على عجلة الألوان التي لها تأثير درامي كبير وعند وجودها يحدث تباين قوي كما في الألوان مثل الأزرق، الأحمر، الأخضر، والأصفر. بالإضافة إلى مختلف نظم الألوان يتم تقسيم عجلة الألوان إلى قسمين وهما الألوان الدافئة والألوان الباردة.

فإذا قمنا بوضع خط مستقيم عبر دائرة الألوان، يمر عبر اللونين (الأحمر البنفسجي) والأخضر، فإن هذا الخط الفاصل يقسم دائرة الألوان لقسمين وهما الألوان الدافئة warm hues والتي تبدأ من (الأحمر البنفسجي) ثم درجات الأحمر، والأصفر حتى تصل إلى الأخضر. والألوان البادرة cool hues والتي تبدأ من درجات الأخضر ثم الأزرق ثم البنفسجي حتى تصل إلى (الأحمر البنفسجي).

وبناء على درجة حرارة اللون يمكن تغيير الحالة الدرامية بالأعمال الفنية واللوحات واختيار إما أن تكون بالألوان الدافئة أو الألوان البادرة حسب هدف وموضوع العمل الفني.

  

مثال

في هذا الرسم التوضيحي أعلاه، قام الفنان بتلوين العمل الفني باستخدام نظام الألوان المتماثلة، فاستخدم ألوان مثل أحمر، (أصفر أحمر)، أصفر، (أخضر أصفر). وخاصة للمباني. وكذلك يمكننا ملاحظة أن درجات الأصفر محايدة وتحتوي درجات اللون الرمادي، فيجعل تأثير اللون الأصفر ضعيف للغاية، مما يجعل ألوان المباني تظهر بشكل واقعي. تم خلط اللون الأصفر بكميات متفاوتة وتم استخدامه في معظم أجزاء الرسم التوضيحي. 

التباين المتزامن

Simultaneous Contrast

وضع يوهانس إيتن Johannes Itten سبعة أنواع من تباين الألوان، النوع الثاني هو التباين المتزامن. يرتبط التباين المتزامن بنظام الألوان المكملة وهي الألوان المتعارضة أو المتضادة في دائرة الألوان، وفيه يكون اللونان متكاملان بمعني يكملان بعضهم البعض عندما يتقابلا على عجلة الألوان. بحيث يمكننا رسم خط مستقيم بينهم، وذلك مثل اللونين الأخضر، والأحمر، واللونين الأزرق والبرتقالي واللونين الأصفر والبنفسجي.

عند العمل بالألوان المكملة يجب الحذر بعض الشيء، فلا يجب وضع كميات متساوية من اللونين المكملين، لأن الكميات المتساوية سوف تخلق تضاد يصل إلى درجة من النفور، فيجب وضع أحدهما بنسبة أكبر من الأخر، وإن وجود الألوان المكملة يخلق أكبر درجة من التباين، ففي الطبيعة مثلا، يمكننا ملاحظة الزهرة الحمراء بوضوح وسط الأعشاب الخضراء الكثيفة.

بناء على ذلك فإن وجود الأحمر يعزز من الأخضر والعكس صحيح، وهذه هي النظرية التي تبناها العالم ألبرت مونسيل Albert Munsell وأنشأ على أساسها نظم الألوان. تعتمد نظام ألوان مونسيل على أن رؤية اللون المكمل هو ظاهرة طبيعية في العين البشرية، فإذا رأي الإنسان اللون الأحمر فإنه يستحضر تلقائيا اللون الأخضر المكمل له.

يمكننا عمل تجربة عملية عن قدرات العين الإدراكية، لجعل الفكرة أكثر وضوحًا، قم بالنظر إلى لون كثيف تحت إضاءة جيدة لمدة دقيقة تقريبًا، ثم انقل بصرك إلى سطح محايد أبيض أو رمادي. عند الثبات على الرؤية سيمكنك رؤية اللون التكميلي أو اللون المكمل، وهو ما يُعرف باسم الظاهرة العلمية وهي الصورة اللاحقة أو الصورَةٌ التِلْوِيَّة Afterimages.

 

وعلى أساس هذه النظرية يتم العمل بها في الكثير من المجالات، ففي مجال دهانات جدران المستشفيات، نلاحظ أنه يتم طلاء الغرف وخاصة غرف العمليات باللون الأخضر الفاتح، حيث أن الأخضر هو مكمل الأحمر، وبالتالي عندما يعمل الطبيب وطاقم التمرين في عملية أو ما شابه فلا تؤثر الألوان التي يرونها عليهم ولا على طريقة الرؤية.

في حالة النظر إلى لون ما مع النظر في نفس الوقت إلى لون رمادي محايد. فسوف نري اللون المكمل ولكن مع وجود اللون الرمادي سيحدث نوع من التشويش في الرؤية. يسمي ذلك علمياً باسم التباين المتزامن. وبناء على ذلك يمكننا رؤية الألوان، فمثلا، عندما يتم وضع أي لونين معًا، فإن كل لون يؤثر بقوة على الآخر من خلال وجوده.

وبالتالي يمكنك إذن أن تتخيل مجموعة متنوعة من التفاعلات اللونية الدقيقة التي قد تحدث عندما ينظر المشاهد إلى لوحة كاملة أو رسم توضيحي أو تكوين مبني، ويجب العلم أن التباين المتزامن يكون في أقوي حالاته عندما تكون الألوان المرئية مشبعة أو مكثفة الصبغة. بناء على التباين المتزامن يستطيع الفنان بناء الكثير من العلاقات بين الألوان في أعماله الفنية.

حيث أن كل ترتيب للألوان يخلق انتماءات وانفعالات وتأثيرات فريدة، وذلك اعتمادًا على الكميات والصفات ومدي قرب الألوان من بعضها وتريبها في التكوين وفقا لعجلة الألوان. إن ظاهرة التباين المتزامن لها تأثير كبير في عالم الفنون وخاصة في مجال التصميم الداخلي والديكور. حيث يجب دراسة كل ترتيب للألوان بشكل واضح ومقصود، أولاً على الورق وعند التخطيط، ثم تجربته في الواقع.

مثال (1)

في هذا الرسم التوضيحي، انظر إلى المستطيل الأحمر من مسافة ست بوصات تقريبًا، وتحت ضوء ساطع إلى حد ما، لمدة 30 ثانية تقريبًا. عندما تعتاد عيناك على اللون الأحمر، ستبدآن في إنتاج اللون التكميلي، وهو الأزرق الأخضر. وعند الاستمرار في النظر، ستبدو حواف المستطيل وكأنها تتألق مع "هالة" من اللون الأخضر الأزرق وفي نفس الوقت تقوم عيناك بعمل حركات صغيرة.

إذا قمت بتحريك نظرك حوالي بوصة واحدة إلى جانب أخر قريب في المسافة، فسترى كيف تبدأ الصورة اللاحقة. مع ملاحظة أن الأحمر لا يزال يغطي المساحة بشكل جزئي. بعد حوالي دقيقة ستشعر بأن اللون الأحمر أصبح مبهر إلى حد كبير. قم بتحرك نظرك بعيدًا تمامًا عن المنطقة الحمراء إلى المنطقة البيضاء الفارغة إلى اليسار. في عضون ثانية أو ثانيتين، سوف تتألق الصورة اللاحقة أمامك، في شكل مستطيل تقريبًا، باللون الأزرق والأخضر لمدة تتراوح من خمس إلى عشر ثوانٍ قبل أن تتلاشى. 

مثال (2)

في هذا الرسم التوضيحي، مستطيلات رمادية صغيرة داخل مربعين بالألوان الأخضر والأحمر، يمكننا ملاحظة أن المستطيلات الرمادية في وسط المربعات الملونة هي نفسها تمامًا بلا أي تغيير. قم بتسليط ضوء ساطع إلى حد ما وأنت تنظر من مربع إلى آخر، وقم بالنظر من حوالي مسافة ست بوصات لمدة نصف دقيقة تقريبًا. سوف تلاحظ أن كل مستطيل أصبح رمادي مشوبًا باللون التكميلي للمربع الموجود بداخله، أي أنك تري المربع الأخضر لونه أصبح أحمر وكذلك في المربع الأحمر، فسوف تري اللون التكميلي وهو الأخضر. 

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

"كتاب الرسم بالألوان - تقنيات ومهارات الرسم والتصميم للمهندسين المعماريين ومهندسي المناظر الطبيعية ومصممي الديكور الداخلي".

Color Drawing - Design Drawing Skills and Techniques for Architects, Landscape Architects, and Interior Designers

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.