بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

التصميم الجرافيكي / مبادئ التكوين – (الشكل - الأرض)

Compositional Principles – (Figure-Ground)

 

مبادئ التكوين - (الشكل - الأرض)

Compositional Principles - (Figure-Ground)

إن مبدأ الشكل – الأرض هو واحد من مبادئ التكوين، وهو ببساطة يعبر عن عناصر التكوين بصفتها الشكل وعلاقتها بالخلفية بصفتها الأرضية. هناك علاقة وثيقة بين عناصر التكوين والخلفية المحيطة بهم. إن مبدأ الشكل – الأرض يعتمد على توظيف العلاقة المرئية بين الأشياء في المقدمة والخلفية. حيث الشكل هو العنصر المرئي، الكائن، الشيء، أما الأرضية فهي الخلفية المتبقية حول العناصر والمحيطة بالكائنات.

يمكن وصف مبدأ الشكل والأرضية بمصطلحات أخرى. إن الشكل يعبر عن مصطلح المساحات الإيجابية positive space في التكوين، والمساحات الإيجابية هي المساحات الشاغرة مثل العناصر وغيره. أما الأرض فتعبر عن مصطلح المساحات السالبة أو السلبية negative space، والمساحات السلبية هي المساحات والمناطق الفارغة في التكوين.

الشكل هو عنصر مرئي إيجابي فهو يعبر عن التكوين، بينما الأرض هي المساحة أو الأرضية المحيطة بالمساحة الإيجابية أو العناصر الإيجابية. كل من العنصرين (الشكل – الأرض) يعتمدان على بعضهما البعض، ويكملان بعضهما البعض، وكل منهم معاكس للأخر، وبناء على ذلك من المستحيل تغيير أحدهما دون التأثير على الآخر.

إن مبدأ الشكل - الأرض هو في الأساس مبدأ يتحدث عن العلاقة المرئية التي تحدث بين مقدمة وخلفية التصميم الجرافيكي. وتعد هذه العلاقة هي أحد المبادئ الأساسية في عملية الإدراك البصري ومن ثم عملية إنشاء التصاميم الجرافيكية. هناك بعض من مبادئ التصميم ذات الصلة بمبدأ الشكل - الأرض مثل مبدأ التباين، حيث أن له تأثير حاسم ومباشر على كيفية تفاعل الشكل والأرضية مع بعضهما البعض.

كذلك، إن مبدأ الشكل – الأرض، يشير إلى منطق ومعني أخر، فهو يشير إلى وجود الظاهرة البصرية التي تحدث عندما يبدو للمشاهد أن هناك بعض من عناصر معينة بالتصميم تتحرك للأمام أو تتراجع للخلف، وذلك حسب ترتيبها في التكوين. ويمكننا التحقق من مبدأ الشكل – الأرض بسهولة. فعلى سبيل المثال، إن صفحة الكتاب تعتمد على مبدأ الشكل – الأرض، فالشكل أو المساحة الإيجابية هي النص الأسود المطبوع والصور وغيره، أما الأرضية فهي صفحة الكتاب نفسه البيضاء.

 

يمكننا ملاحظة أن كل من الشكل – الأرض، أو النص والصفحة كلاهما متعاكسان وضد بعضهما البعض ولكنهم يكملان بعضهما البعض، فكل منهما يعتمد على الأخر. فلا يمكننا قراءة نص أسود على ورق أسود والعكس صحيح. وبناء على ذلك فإن مبدأ التباين له تأثير كبير على مبدأ الشكل – الأرض في التكوين، أو التصميم الجرافيكي.

يستطيع المصمم وفقا لمبدأ الشكل – الأرض تحقيق العديد من الأهداف، وفقا لدرجة تفاعل هذين العنصرين معا. فيجب أن نسأل، كيف وإلى أي درجة يتفاعل هذان العنصران معا، وما هي نتيجة هذا التفاعل. يستطيع المصمم الحصول على العديد من النتائج من مبدأ الشكل – الأرض، فيمكن أن يؤدى تفاعل الشكل – الأرض إلى خلق وإنشاء توتر وحدة بين العناصر، أو العكس من ذلك يؤدى إلى خلق وإنشاء انسجام وتوافق بين العناصر. يتم تحديد درجة التفاعل بواسطة مصمم جرافيك، وذلك بناء على قدرة المصمم على فهم المعلومات المرتبطة بهذا المبدأ، وهنا يجب على المصمم أن يختار ويحدد درجة التفاعل التي يريد الحصول عليها مع مبدأ الشكل – الأرض.

تعريفات (الشكل - الأرض)

Definition of (Figure-Ground)

يُنظر إلى عناصر التصميم في أي تكوين على أنها إما شكل (وهو كائنات أو أشياء في نطاق البؤرة) أو أرضية (وهي الخلفية المتبقية أو بقية مجال الإدراك البصري). من المهم أيضًا أن نتذكر أن الأرض، أو المساحة المحيطة بالشكل، هي أيضًا في النهاية "شكل Figure". يمكن أن توجد الأشكال بشكل مستقل، وكذلك يمكن أن تتداخل مع بعضها البعض، وذلك اعتمادًا على العلاقة المحددة بين الشكل والأرض بالتكوين.

يعتبر الشكل عنصرًا مرئيًا إيجابيًا في التكوين، بينما تعتبر المساحة أو الأرض المحيطة به معاكسة أو مضادة، وهي عنصر سلبي في التكوين. يجب العلم أن كلاهما يعتمد على بعضهما البعض، ومن المستحيل تغيير أحدهما دون التأثير على الآخر. إن إنشاء علاقات ديناميكية بين المساحات الإيجابية والسلبية هو حجر الزاوية في التصاميم الهامة التي يتم التفكير فيها جيدًا.

الشكل Figure

الشكل هو العنصر الذي نوله الاهتمام الأكبر في عملية التصميم، وهو أيضا المساحة الإيجابية، يمكن أن يكون الشكل أي شيء، مثل صورة، نص، شكل هندسي أو غير هندسي، وغيره. يتصف الشكل بأنه نشط وله مساحة إيجابية، ويمكنا التعرف عليه من العنصر المقابل له وهو الأرضية أو المساحة السلبية أو المساحة غير النشطة أو الخاملة.

الشكل مثل الشخصية الرئيسية في الفيلم، في التصميم أو التكوين البسيط، قد يكون هناك شخصية واحدة فقط يحتاج القارئ أو المشاهد إلى الانتباه إليها. أما في التصاميم الأكثر تعقيداً، فقد يكون هناك أكثر من شكل أو شخصية رئيسية. حيث في التصاميم المتشعبة والمعقدة يمكن رؤية الكثير من العناصر والأشياء والعلاقات المألوفة والرمزية والتمثيلية واستيعابها كأشكال. 

 

الأرض Ground

يمكن تعريف الأرض على أنها المساحة المحيطة بالعناصر أو الخلفية لكائن أو عنصر في التكوين. وكذلك يتم تعريف الأرض أيضًا على أنه المساحة السالبة أو السلبية أو الفراغ أو الفضاء في التكوين أو التصميم الجرافيكي. وكذلك إن كل شيء آخر في التكوين ليس "شكلًا" فإنه يكون أرضية. ويجب العلم أنه مع تحول الانتباه من شكل إلى آخر، تتغير الأرض أيضًا، بحيث يمكن للكائن أن ينتقل من الشكل إلى الأرض والعكس.

تصنيفات وأنواع مبدأ (الشكل - الأرض)

Types of (Figure-Ground)

هناك ثلاث تصنيفات أو أنواع أساسية من العلاقات بين الشكل والأرض وهذه الأنواع هي: البسيط، المنعكس، والغامض.

البسيط Simple

يمكن أن تكون العلاقة بين الشكل – الأرض علاقة بسيطة، وذلك يحدث عندما يتم وضع كائن (الشكل) على سبيل المثال بشكل مستقل ومتماسك في الفراغ أو الفضاء، حيث الفراغ (الأرض) يعمل كأرضية محيطة به، سواء كانت الأرض مضغوطة أو ضحلة أو غيره، حيث أن الأرض يمكنها أن تنقل وهم العمق وتجعل الشكل المستقل يبدو ثلاثي الأبعاد أو مجسم.

إذا كانت العلاقة بين الشكل – الأرض علاقة بسيطة، فإن الشكل يتصف بأنه إيجابيا ونشط، وبناء على ذلك يعبر عن العمق. والعكس من ذلك، فإن الأرض أو الأرضية أو الخلفية تكون سلبية أو سالبة أو خاملة. وكل من الشكل – الأرض عكس بعضهما البعض ويعتمدان ويكملان بعضهما البعض. وبناء على هذه النوع البسيط من الشكل – الأرض، يكون الشكل مرئيًا بوضوح ومنفصلًا عن خلفيته.

الانعكاس Reversal

يمكن أن تكون العلاقة بين الشكل – الأرض علاقة تعتمد على الانعكاس. وفي هذا النوع من العلاقة بين الشكل – الأرض، يعمل كل من العنصرين بشكل عكسي. وفيه يعمل الشكل كأرض، وتعمل الأرض كشكل، بأسلوب عكسي. هذا الانعكاس يحدث بسبب طريقة تصميم وتنظيم العناصر الموجودة في الفراغ، مما يؤدى إلى تناوب الانعكاس، وخلق وهم بالتبادل بين الشكل - الأرض.

هذا النوع من العلاقة بين الشكل – الأرض يمثل وسيلة وأداة فعالة في يد المصمم لإنشاء وخلق الديناميكية (الحركة) وتنشيط المساحات الفارغة في التكوين بأسلوب جذاب. يتميز هذا النوع من العلاقة بين الشكل والأرض عن النوع البسيط، في أن النوع البسيط تكون فيه حدود أو أطراف أو إطار الأشكال غير مهمة أو مؤثرة على التكوين، فيُنظر إلى الحدود على أنها لا حدود لها، في حين أن النوع الانعكاسي لمبدأ الشكل – الأرض يضع حدود وإطارات حول الأشكال نفسها وحول التكوين ككل، وذلك لأنه يساعد المشاهد في التلقي وفهم التصميم.  

الغموض Ambiguous

يمكن أن تكون العلاقة بين الشكل – الأرض علاقة غامضة. وفي هذا النوع من العلاقة يعتمد المصمم على إنشاء وعمل الكثير من التعقيدات والتشابكات بين الشكل والأرض. ومثال لذلك، عندما تكون العلاقة بين الشكل (أو كائن) أو عناصر التكوين والأرض (أو الفضاء) غير قابلة للاكتشاف ومربكة بالنسبة للمشاهد، ولكنها قابلة للفهم والتفسير.

مع هذا النوع من العلاقة بين الشكل – الأرض، يشترك زوج من الكائنات في نفس الحافة أو الواجهة أو الجانب. من الأمثلة الكلاسيكية للعلاقة الغامضة بين الشكل – الأرض هو زهرية روبن Rubin’s vase، التي طورها عالم النفس إدغار روبين Edgar Rubin (الدنماركي، 1886–1951).

وفي الصورة أدناه زهرية روبن يمكننا ملاحظة الآتي، يشكل الفضاء أو الفراغ الإيجابي أو الموجب الأبيض منظر جانبيين لوجه بشري في مواجهة بعضهما البعض، أما المساحة السوداء أو السلبية المعكوسة تشكل زهرية. يتناوب التصميمان معا بشكل غامض. فإذا انصب تركيز القارئ على الأسود أو الأبيض، فإن ذلك يجعل الوهم يتناوب بين الوجوه والزهرية.

الخصائص المرئية لمبدأ (الشكل - الأرض)

Visual Characteristics of (Figure-Ground)

يمكننا وصف مبدأ الشكل – الأرض بأبسط العبارات، فيكون "الشكل" هو ما نلاحظه "والأرض" هي كل شيء آخر لا نميل إلى ملاحظته. تحدث العلاقة الفعالة والملموسة بين الشكل والأرض عندما تتمكن العين من تحديد هيئة "الشكل" ككائن أو عنصر أو شيء متميز ومنفصل عن أرضية أو خلفيته. هذا التصور يعتمد أيضا على مبدأ التباين التصميم الجرافيكي، حيث كلما أصبح التباين أو الفروق بين الشكل – الأرض واضحة كلما كان من السهل الفصل بين الشكل - الأرض.

إذا تم إنشاء تصميم وفقا لمبدأ الشكل – الأرض، فينتج عن ذلك تكوين ثابت ومستقر وواضح، ويعود السبب في ذلك إلى أن الشكل تلقي اهتمام فوري من المشاهد ولفت الانتباه، بطريقة أكبر بكثير من انتباه المشاهد إلى الأرض. أما إذا كانت العلاقة غير مستقرة بين الشكل والأرض، فيمكن تفسيرها على أنها علاقة غامضة، وبناء على ذلك يتم تفسير عناصرها التكوين بمختلف الطرق.

تعمل العلاقات المتوازنة والفعالة في مبدأ الشكل – الأرض على خلق الحركة والديناميكية في أي تصميم جرافيكي، مما يضيف تأثيرًا بصريًا وقويا إلى رسالة وهدف التصميم. ولكن يجب العلم أنه عندما يهيمن الشكل على الأرض، فإن ذلك قد يؤدى إلى أن يكون التأثير مملًا على الرغم من وضوحه.

إذا تم تحديد موقع الكائن (الشكل) بوضوح ودقة في وسط التكوين، فإن ذلك يؤدى إلى التأكيد على الكائن، حيث أنه وضعه واضح ومستقر بالتكوين، ولكن في نفس الوقت قد يؤدى ذلك تقليل بعض المزايا الإيجابية مثل وضوح الفروق الدقيقة وتأثير القوة البصرية المرئية.

في النهاية، يعد مبدأ الشكل – الأرض أحد أهم مبادئ التصميم التي يجب مراعاة الدقة أثناء العمل بها، في حالة إنشاء أي تصميم جرافيكي. وعند النجاح في العمل وفقا لمبدأ الشكل – الأرض، يمكنك ضمان أن يكون عملك فعالاً، وتواصلياً، ولا يُنسى، وذو مغزى كبير وممتع للمشاهد والقارئ والمتلقي.

مثال عن مبدأ (الشكل - الأرض)

Example of (Figure-Ground)

التأثير المعاصر: ماكس بيل Max Bill والمثالية الحديثة

كان ماكس بيل Max Bill (سويسري، 1908-1994)، المولود في وينترثر، وكان يعمل العديد من الأشياء فعمل كمهندس معماري ورسام وعمل بالطباعة وعمل كمصمم ومهندس صناعي ونحات ومعلم ومصمم جرافيك. في البداية درس في عام 1927 في باوهاوس في ديساو بألمانيا. استقر بشكل دائم في زيورخ في عام 1929، وفي عام 1937 انخرط مع مجموعة من الفنانين والمصممين السويسريين المسماة أليانز.

دعت مجموعة أليانز إلى النظريات الملموسة للفن والتصميم وشملت ماكس هوبر (سويسري، 1919-1992)، ليو لوبي (سويسري، 1893-1973)، وريتشارد بول لوهسي (سويسري، 1902-1988). في عام 1950، أسس ماكس بيل وأوتل أيشر (الألمانية ، 1922-1991) مدرسة أولم للتصميم (Hochschule fu¨r Gestaltung-HfG Ulm) في أولم، ألمانيا، وهي مدرسة تصميم تم إنشاؤها في البداية وفقًا للمبادئ بمدرسة باوهاوس، ثم تم تطويرها لاحقًا، وتم وضع مناهج جديدة في تعليم التصميم، والذي يشمل دمج الفن والعلوم.

من عام 1967 إلى عام 1971، كان أستاذًا في Staatliche Hochschule fu¨r Bildende Ku¨nste في هامبورغ ورئيسًا للتصميم البيئي. أثر بيل بشكل كبير على مجال تصميم الجرافيك السويسري وأسلوب الطباعة الدولي الذي بدأ في الخمسينيات من القرن الماضي، وذلك بفضل كتابته النظرية وأعماله.

قال: "من الممكن تطوير الفن إلى حد كبير على أساس التفكير الرياضي". وتبنى بيل بحماس شديد كمصمم جرافيكي، الكثير من المبادئ والآراء الفلسفية لهذه الحركة الحديثة. تعتمد أعماله الفنية وتصاميمه الجرافيكية على استخدام المبادئ المرئية المتماسكة المنظمة للتصميم، وكانت تصاميمه تتألف مجموعة أشكال بسيطة وشبكات معيارية وكان يستخدم نظام طباعة الحروف سيريف sans serif.

كان بيل يعتمد على إنشان تكوين غير متماثل، وكان يقسم المساحة والخطوط، والعلاقات الرياضية، والعلاقة الديناميكية لمبدأ الشكل – الأرض. وواحد من أقوى تصاميم بيل الذي أنشأه وفقا لمبدأ الشكل – الأرض هو ملصق (بوستر) المعرض الذي صممه عام 1931 لمتحف Kunstgewerbemuseum في زيورخ.

تم إعداد التصميم وفقا لمبدأ الشكل – الأرض، حيث يعتمد الشكل الأساسي في التكوين على وضع شكل أبيض مبسط على أرضية ملونة. حيث يظهر الشكل الأبيض اللامع كشكل غير متماثل وتم وضعه على خلفية أو أرضية مضادة له، فالشكل ديناميكي والأرضية محايدة. وكل من الشكل والأرضية عكس بعضهما البعض ويكملان ويعتمدان على بعضهما البعض.

يمكننا ملاحظة أن الشكل الهندسي الأبيض عبارة عن شكل بيضاوي يضم دائرة مثالية في المنتصف. تعمل الدائرة الداخلية في منتصف الشكل البيضاوي مثل نقطة محورية تعمل على جذب الانتباه للتصميم، مما يؤدى إلى خلق شخصية وهيئة خاصة في التكوين. في مقابل هذه الدائرة، قام المصمم بوضع إطار مربع على الجانب الأيمن يحتوي بعض المعلومات المطبوعة الخاصة بالمعرض.  

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

مدرسة التصميم - تخطيط الشبكات.

Design School - layout

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.