بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

التصوير الفوتوغرافي / الضوء القوي - التصوير المعماري والأبيض والأسود  

Hard Light (Architecture - Black & White)

 

الضوء القوي / تصوير الهندسة المعمارية

Hard Light / Architecture

يعد الضوء الشمس الرمادي في وقت الصباح أو وقت المطر أو في الطقس البارد هو أكثر أنواع الإضاءة الطبيعة شيوعاً في مجال التصوير، بعكس الضوء القوى أو الحاد الذي يكون غير محبب ومرفوض بالنسبة لكثير من المصورين. حيث المقصود بالضوء القوى أو الحاد كما في وقت الظهيرة تكون فيه إضاءة الشمس في أقوى حالاتها.

فيكون الضوء شديد الحواف بسبب سقوط أشعة الشمس العالية. وفي المعتاد يقوم المصور بتجنب هذه الآثار أثناء تصوير اللقطات. حيث يجعل موضوع التصوير يظهر بشكل غير جذاب. تترك أشعة الضوء القوية بعض الآثار السلبية، مما يجعل المشهد يبدو صعب عند التصوير، عندما تكون الشمس قوية كما في وقت الظهيرة فإن الظلال تكون حادة وكبيرة، مما يضر بجماليات المشهد.

في الضوء القوى، تظهر الشمس ساطعة في سماء صافية، مع القليل من تأثير الترشيح من الغلاف الجوي الذي يميز ضوء الشمس الناعم. وتكون النتيجة هي ظهور ظلال كثيفة ذات حواف صلبة وتباين عالي. مما يجعل الضوء غير جذاب لعملية التصوير. يمكن ملاحظة آثار الظلال الحادة بسبب الضوء القوى كما في حالة تصوير البورتيريه، فيمكن رؤية حواف الظلال التي تظهر حادة وواضحة على الوجه، كما في منطقة ظلال الأنف.

على الرغم من أن أشعة الشمس تكون شديدة والظلال تكون قاسية إلا أن هناك مميزات للتصوير في الضوء القوى لا توجد في بقية أنواع الإضاءة، إن أشعة الشمس القوية تجعل من السهل تصوير التفاصيل وإظهار ملامس العناصر والألوان بطريقة واضحة بشكل يجعل العمل الفني عالي الجودة ومرغوبا فيه.

الضوء القوى يجعل الظلال قاسية، مما يجعلها تظهر عميقة في لقطات التصوير، ويعتبر ذلك مناسب في تصوير المناظر الطبيعية، وخاصة الصحراء. بالاعتماد على أشعة الضوء القوى والظلال القاسية يمكن تحويل اللقطة العادية إلى فن تجريدي، وذلك في حالة اختيار موضوع مناسب.

الصورة التجريدية هي عبارة عن لقطة لموضوع ما، استطاع المصور باستخدام الأدوات وعناصر الصورة إيجاد معني جديد، وتحويل المشهد العادي إلى شيء أخر مختلف له دلالة معينة. التجريدية هو هي الابتعاد عن الواقع وتوصيل رسالة جديدة. بالاعتماد على التجريدية يمكن عمل لقطات رائعة في كثير من المجالات وخاصة في مجال التصوير المعماري.

حيث يمكن المزج بين الهندسة المعمارية والفن التجريدي. تتوافق الهندسة المعمارية، وأشكال العناصر الهندسية وخطوط المباني مع الأشعة القوية والظلال الحادة، مما يعمل على إظهار المباني وتعزيز التباين.

مثال (1)

في الصورة أدناه، يمكننا التفرقة بين تأثير الضوء القوى والضوء العادي.

الضوء القوي

تؤدى سقوط أشعة الشمس القوية إلى إلقاء ظلالاً أكثر كثافة تلعب دورًا أكبر من المعتاد في الصور الفوتوغرافية.

ضوء الشمس الطبيعي

يؤدى سقوط ضوء الشمس العادي إلى إظهار التباين القوي بين الألوان وجعل حواف الظلال حادة وواضحة ولكن ليس بشكل مبالغ فيه كما في حالة أشعة الضوء القوية. 

مثال (2)

في الصورة أعلاه، قام الفنان بإنشاء لقطة تجريدية لمبني في كاليفورنيا، اعتماداً على التصوير في الضوء القوي، وذلك لإظهار تأثيرات الظلال القاسية والتباين العالي بين الألوان. يأتي التأثير الكلي في الصورة من الجمع بين الهندسة المعمارية والفن التجريدي، كما في الجمع بين الحواف المستقيمة مع الألوان القوية وأشكال الظل ذات الحواف الصلبة. 

الضوء القوي / تصوير الزوايا

Hard Light / Angular Subjects

يمكن توظيف الإضاءة القاسية بحيث تتناسب مع أهداف أو موضوعات تصوير شديدة الحواف. ولكن إذا أردنا تصوير الوجوه في الضوء القوى يُفضل اختيار زاوية للتصوير وعدم التصوير بشكل مباشر من الجهة الأمامية، وذلك لتجنب آثار الظلال الحادة على الوجه. وقد يكون ذلك مناسبا في بعض الحالات.

فعلى الرغم من أن الضوء الموجه يعمل على إعطاء شكل لطيف للوجه، إلا أن الضوء القوي يعمل بشكل أفضل مع العناصر والأشياء التي لها زاوية ميل، حيث الضوء القوي يعمل على إظهار حواف الأشياء الصلبة وأسطحها متناقضة. تصبح زاوية الإضاءة أكثر أهمية عندما لا يكون هناك انتشار كبير لأشعة الضوء، ولكن شرط أن يتناسب ذلك مع موضوع التصوير، فتكون النتيجة إظهار تأثير قوي وملفت للنظر.

يمكن تطبيق هذه القاعدة عند تصوير التماثيل، حيث يستقبل الحجر أشعة الشمس بشكل جذاب يلفت الانتباه في لقطات التصوير. فعلى سبيل المثال، يمكن الجمع بين رخام التماثيل الأبيض وأشعة الشمس العالية، مما يعمل على رفع جودة عنصري التباين والسطوع بقوة، وإظهار ملامس العناصر، مما يجعل الصورة ملفتة للنظر وشديدة الجاذبية.

مثال (1)

في الصورة أدناه، لقطة لجزء من شارع يشتهر بنحت التماثيل من الرخام الأبيض المحلي. كانت التماثيل في جميع مراحل الإنتاج في ورش العمل الصغيرة التي تصطف على جانبي الشارع، حيث تسقط أشعة الشمس القوية على الأحجار والتماثيل مما يلفت الانتباه. قام الفنان بالجمع بين ملامس الرخام الأبيض وأشعة الشمس القوية.

أدى ذلك إلى ارتفاع السطوع والتباين، وقام الفنان بالتقاط الصورة وقت الظهيرة. واختار مجموعة من التماثيل لم تكتمل، حيث لم يتم نحت الوجه. كانت الشمس تتساقط عبر الأسطح الرأسية للتماثيل، مما يجلب الضوء لعناصر المشهد. وقام المصور بالتركيز على كتل الوجه التي لم يتم نحتها بعد. 

كان أحد الخيارات هو التصوير بالأبيض والأسود، ويعود السبب في ذلك إلى أنه من السهل معالجة التباين الشديد بالصورة. ففي التصوير بالأبيض والأسود يُسهل تقسيم الصورة بشكل بسيط أي يمكن التفرقة بين مناطق النور والظل بطريقة سهلة. حيث الضوء القاسي يترك ظلال تبدأ من متوسطة إلى قوية مما يُسهل إمكانية رفع التباين في الصورة بشكل كبير.

فمثلا، يمكن رفع التباين بحيث يظهر الفرق بين المناطق البيضاء والسوداء بوضوح، عن طريق جعل الظلال غامقة وتحويلها من قيمة متوسطة إلى لون أسود مثالي، مما يقوى التباين بالصورة بسبب الفرق بين الرخام الأبيض والظلال السوداء.

قام الفنان بالتقاط صورة بالتنسيق الخام Raw، ثم قام بالتعديل عليها ومعالجتها للحصول على أقصى درجة تباين، فقام بتقوية وجعل مناطق الظلال غامقة، كما نلاحظ في الخلفية التي أصبحت سوداء والجزء الأيمن من الصورة وبعض خطوط الظلال الساقطة على التماثيل، إن الفرق بين التماثيل من الرخام الأبيض والمناطق السوداء أدى إلى إنشاء صورة أكثر جاذبية وتلفت الانتباه.

الضوء القوي / التصوير بالأبيض والأسود

Hard Light / Black & White

إن التصوير بالأبيض والأسود له سحر خاص، حيث يختلف تماما عن التصوير بالألوان من نواحي عديدة. فعلى سبيل المثال، يمكن إظهار تدرجات القيمة (التدرج من الأبيض إلى الأسود)، ويبدأ ذلك من الثراء إلى الفروق الدقيقة، وتتميز الصورة بأنها خالية من مشتتات الألوان. ووجود لونين فقط وهما الأبيض والأسود، يجعل ذلك أداة فعالة جداَ في حالة التصوير في الإضاءة الشديدة.

وكذلك يمكن للمصور الماهر استخدام التصوير بالأبيض والأسود كأداة فعالة لتحويل الصورة العادية غير المرغوب فيها إلى صورة قوية وجذابة. حيث أن قيود التصوير في الأبيض والأسود أقل بكثير من التصوير الفوتوغرافي الملون. في حالة التصوير بالألوان يجب على المصور أن يعتمد على اختيار فترة معينة من النهار للتصوير.

وفي المعتاد تكون أفضل فترة باليوم للتصوير هي بداية ونهاية اليوم، أو فتري الصباح والمغرب، حيث يقل تأثير الشمس القوي وتصبح الألوان جذابة. أما في حالة التصوير بالأبيض والأسود، فإن المصور لديه خيارات كبيرة، حيث يمكنه التصوير في أي وقت من اليوم، ولا يشترط ساعة معينة.

هناك سبب أخر يجعل التصوير بالأبيض والأسود له سحر خاص، حيث يتمكن المصور من التعديل على الصور دون قيود. فمثلا، يمكنه تغيير القيمة حتى الوصول إلى مستويات مبالغ فيها، وتكون الصورة في النهاية مقبولة لأنها بالأبيض والأسود. بمعني أخر، إن معالجة التباين في الصور الملونة قد تؤدى إلى نتائج غير مرضية، على عكس معالجة الصور أحادية اللون، التي يمكن أن تبدو رائعة وخلابة.

في حالة التصوير بالأبيض والأسود يكون من المفيد جداً للمصور أن يهتم بالدرجات والفروق في القيمة وألا يهتم بالفروق في الألوان. حيث أن جمال الصور سوف يعتمد على نقص الألوان ومدى وضوح الفروق بين درجات الفاتح والغامق. هناك ثلاث مميزات رئيسية للتصوير بالأبيض والأسود في الضوء القوي وهم إظهار الصور أحادية اللون، إظهار ملامس العناصر بوضوح، وإمكانية التحكم في الدرجة اللونية أو القيمة.

مثال (1)

في الصورة أعلاه، لقطة لقطيع من الجاموس يعبر المياه. قام الفنان بتصوير اللقطة بتنسيق Raw الخام. بشكل مبدئ تعتبر الصورة مقبولة بالألوان. ولكن الصورة أحادية اللون قد تكون أقل جاذبية، ولذلك قرر المصور تحويل الصورة الملونة إلى الأبيض والأسود، فأدى ذلك إلى إعطاء سحر خاص للصورة، وإمكانية توفير فرصة للتركيز على الفروق الدقيقة في القيمة والدرجة اللونية. فقام المصور بإنشاء إصدار جديد أكثر كثافة وقاتم وداكن. 

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

كتاب "التقاط الضوء - قلب التصوير".

CAPTURING LIGHT - The Heart of Photography

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.