بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الألوان / المدراس الفنية - التنقيط والانطباعية

Art Schools - Pointillism & Impressionism

 

اللون والتصميم الثلاثي الأبعاد

Color and 3-D Design

يعتبر اللون عنصر مهم جداً في الفن والتصميم، وخاصة التصميمات الثنائية الأبعاد. فاللون يجعل التصميم الثنائي الأبعاد (وهما الطول والعرض) يبدو ثلاثي الأبعاد، حيث أنه يضيف البعد الثالث وهو بعد العمق. وبعد العمق يعمل على إظهار المسافة والحجم، فيُعطي التصميم شكل ثلاثي الأبعاد أو مجسم.

في السابق كان يتم الاهتمام بخلق وهم الفراغ في التصميم بهدف إضفاء إحساس بالمساحة والحجم على مستوى صورة مسطحة. أما اليوم فأصبحنا نتعامل مع مساحة مادية ملموسة لتصميم ثلاثي الأبعاد. فنجد العديد من أوجه المنظور مثل واجهة، وخلفية، وجوانب، ومنطقة أسفل وأعلى الكائن.

إن تناسق الألوان مهم بالنسبة للرسام والنحات وكذلك بالنسبة لمصمم الجرافيك أو مصمم الرسوم المتحركة. وأصبح اللون جزء مهم جداً في عملية تصميم المنتج وتقديمه للمستهلك. لأن المنتج سواء المصنع أو الرقمي يعمل على تلبية حاجات أساسية لدى المستهلك. عند حالة تصميم منتج ما، يتم إجراء بحث شامل في السوق لتحديد ألوان المنتج، ولا يترك أي شيء للصدفة. أما بالنسبة للفنان أو النحات أو الرسام وغيره، فإن اختيار اللون قد يعتمد على الذوق الشخصي.

إن اللون في التصميم يعمل مثل قطعة مغناطيس، فيؤدي إلى جذب عين المشاهد إلى شيء معين. ومن ثم يستطيع المصمم توصيل الرسالة المطلوبة. يعمل اللون على تقوية البعد الثالث أو العمق في التصميم، مما يضيف الكثير إلى التصميم. ولذلك يجب على المصمم دراسة الخيارات المتاحة، بدء من مختلف الألوان إلى مختلف المواد الخام التي تتناسب مع تصميم المنتج.

اللون الفطري

Innate Color

اللون الفطري هو اللون الطبيعي لعنصر ما. وكذلك يمكن اعتباره اللون المحلي local color للكائن. كما في مختلف أنواع الخشب والحجر والمعدن وغيره. يدقق الفنانين في ألوان المواد الخام التي يستخدمونها لكي تتناسب مع طبيعة المنتج. فمثلا، قد يختار الفنان الخشب بسبب لونه وطبيعة الحبيبات والعروق الخشبية لأنها تتناسب مع المنتج الذي يود تقديمة لجمهور المستهلكين.

على سبيل المثال، تتراوح ألوان الأخشاب من خشب البتولا الأبيض حتى خشب الأبنوس البني الغامق جدًا والذي قد يبدو أسود تقريبًا. تختلف ألوان الحجر وملامسها. فتتنوع ألوان الرخام، من الأبيض إلى الأخضر إلى الوردي وألوان أخرى. إن المادة الخام قد تصنع فروق كبيرة أثناء العمل.

فقد يختار الفنان مادة الخشب، لأنها تصلح لعمل وإنشاء التفاصيل، وتوفر سهولة في النحت. أما مادة الرخام فتحتاج لمزيد من الجهد ولكنها أكثر جمالا بسبب صفات اللمعان والبريق وتعمر لوقت طويل جداً. يعتبر اللون الأبيض وخاصة في الحجر والرخام هو اللون الكلاسيكي للفنانين، فهو لون النقاء والجمال.

الأعمال الفنية والتماثيل من الحجر أو الرخام الأبيض لها تأثير مدوي بسبب لونها الأبيض الناصح والذي يجعل القطعة الفنية وكأنها نقية خالية من الدنس. حتى أنه من الصعب الوصول لذلك لو كان التمثال ملون بدرجات تشبه ألوان البشرة. ولهذا ربما تكون تماثيل عصر النهضة الرخامية البيضاء النقية مقياس مستوى جمال الأعمال الفنية.

يجب أن تظهر التماثيل والقطع الفنية الجمال الفعلي للمادة الخام. ولا ينبغي طلاء المواد الخام، فمثلا لا ينبغي طلاء تمثال من الحجر أو الخشب وغيره بلون ما، لجعله يبدو وكأنه مادة أخرى. وكذلك تشطيبات أسطح وأرضيات المباني، حيث يجب إنشائها بطريقة تبرز الصفات الطبيعية والفطرية للمادة الخام.

كان الفنانين القدامى وخاصة النحاتين يفكرون جيدا في المادة الخام التي سيتم صنع التمثال منها. لكي يجتمع جوهر العمل المادي والفني معًا فيُنظر إليهما على أنهما واحد. واليوم أصبحت الأسطح المصقولة واللامعة سمة مميزة في النحت الحديث. فالمهم هو العثور على جوهر الشكل ثم صقل المواد وتلميعها لإبراز جمالها الطبيعي.

المدراس الفنية/ الانطباعية

Art Schools /Impressionism

إن اللون عنصر مهم في مختلف المدارس والحركات الفنية، لأن اللون هو أحد العناصر الوحيدة في الفن التي لها استجابة فورية غير واعية من عقل المشاهد. وكان دراسة تأثير الضوء على الألوان محور أساسي في أسلوب الحركات والمدارس الفنية.

بدأ الفن المعاصر بمدرسة الانطباعية. حيث تطورت أفكار الناس عن الفنانين، فالفنان قديما كان شخص يعيش في غرفة علوية أو مكان بعيد يصف الأساطير والحكايات الغريبة. وعندما ظهرت الانطباعية ظهر معها الفنانين الرومانسيين، فكانت الانطباعية واضحة ودرامية وذات طابع أكاديمي. ظهر ذلك في كل لوحات الانطباعية بدء من الألوان وإلى الموضوع وفي تأثيرات الضوء على الألوان.

يعتبر كلود مونيه واحد من أهم فناني الانطباعية، حيث ركز رسم الأماكن الخارجية مثل الحدائق. اهتم إدغار ديغا بالباليه، وكان الفنان بيير أوغست رينوار مفتونًا بتأثيرات الضوء على الشكل البشري. كان هدف الانطباعيين هو وصف الموضوع الفني من خلال تأثيرات الضوء ووصفها بدقة على مدار النهار.

لاحظ الانطباعيون أن الألوان تختلف حسب أوقات النهار، فالضوء الخفيف في الصباح ينتج عنه ألوان محدودة، أما عندما تكون الشمس في الظهيرة يكون اللون أكثر كثافة وتكون الظلال أقل. أما عندما يبدأ ضوء النهار بالتلاشي في وقت متأخر فتظهر العديد من درجات الألوان.

وينطبق نفس الأمر على فصول السنة، فالألوان في الصيف تختلف عن الشتاء وهكذا. حيث تتغير جودة وكمية الضوء واللون. رسم مونيه عدة لوحات لنفس الموضوع في أوقات مختلفة من العام. قام الانطباعيين باستخدام كميات محددة من اللون الأسود في لوحاتهم. فكانوا يستخدمون الأسود فقط عندما يكون لون العنصر أسود مثل حذاء أو عربة قطار وغيره.

اعتمد الانطباعيين على الألوان المكملة (وهي الألوان التي تقابل بعضها البعض على دائرة الألوان مثل الأحمر والأخضر)، فبدل من مزج اللون الأسود مع اللون المطلوب لإنشاء درجة معينة أو لعمل الظلال، فإنهم يقومون بخلط اللون مع مكملة وذلك ليبدو غامق ولإلغاء تشبع وتركيز اللون.

وكانوا يستخدمون اللون الأبيض مع الألوان المكملة وفي خلطات الألوان المعقدة. مما يؤدي إلى إنشاء لون رمادي دافئ أو بارد وفقا للون المكمل. وكان ذلك خروج عن الأسلوب التقليدي الذي كان موجود سابقاً. إن استخدام الألوان المكملة يعمل على إبراز العناصر في اللوحات، حيث يظهر لون ما للمشاهد بوضوح عندما يري مكمله في اللوحة.

تظهر الألوان المكملة أكثر كثافة وحيوية. بالإضافة لجودة الإضاءة في اللوحات. وكان الهدف في هذه الفترة هو إخفاء تأثير الفرشاة وإظهار تأثير سطح العنصر أملس وناعم. وكانت تتميز لوحاتهم بضربات فرشاة قصيرة، مما أدى إلى تفتيت السطح. وعندما انتشرت لوحات الانطباعية ظهر الكثير من الجدل حولها وأثارت سخرية النقاد.

أثارت لوحة شروق الشمس لكلود مونيه الكثير من الجدل، فقال البعض أنها غير مكتملة وأنها مجرد دراسة. ولكن في نهاية المطاف استطاع الانطباعيون رسم الحياة المعاصرة واحتضان التغييرات التي أحدثتها الثورة الصناعية. فقاموا برسم كل شيء حولهم مثل الحدائق، المقاهي، مراكز التسوق وما إلى ذلك.

مع ظهور الطبقي الوسطي في المجتمع وازدهار الحياة في هذه الفترة، بدأت الأعمال الفنية الجديدة في دخول السوق، وتم استيراد أعمال من قارة آسيا. وأصبحت حركة الانطباعية واحدة من أهم الثورات في تاريخ الفنون. 

المدراس الفنية/ التنقيط

Art Schools /Pointillism

يعتبر جورج سورات واحد من أبرز الفنانين الذين رسموا بأسلوب التنقيط، أي اللوحة عبارة عن مجموعة من النقاط المتجمعة تعبر عن عنصر ما. وبالإضافة إلى سورات استخدم بيسارو وسيسيلي وبونارد التنقيطية في أعمالهم الفنية، ورسموا الحياة الحديثة. كان فناني التنقيط لا يقومون بمزج الألوان وتطبيقها في اللوحات.  

فبدلاً من ذلك كانوا يرسمون نقاط صغيرة أو نقاط ذات لون خالص غير مختلط بأي ألوان أخرى. وعندما توضع هذه النقاط بجانب بعضها البعض بحيث لا تلمس بعضها البعض حرفيًا، فإنها تصف شكل العنصر، وتمتزج في عين أو عقل المشاهد لتصف المشهد، فيفهم المشهد من خلال مجموع النقاط.

استخدم فينسنت فان جوخ هذا الأسلوب في لوحاته الفنية. ولكن بدلاً من النقاط الصغيرة من الطلاء، استخدم فان جوخ ضربات فرشاة طويلة، ووضعها بجانب بعضها البعض. وكان يمزج اللون بشكل سميك، ففي بعض الأحوال كانت بعض ضربات الفرشاة تمتزج مع بعضها. فيتم مزج لونين بشكل فعلي في بعض الأحيان.

ارتبط أسلوب التنقيط بتطور حركة الطباعة. حيث كان يتم الطباعة بهدف الإنتاج باستخدام أربعة ألوان، مع وضع لون فوق الآخر للحصول على تأثير متعدد الطبقات. أي أن الصورة المطبوعة تتكون من مجموعة نقاط صغيرة. لم يقدم أسلوب التنقيط معالجة السطح لكي يصبح أملس كما في الانطباعية ولكن تم معالجة السطح بأسلوب أحادي اللون. واستمر التنقيط مع الطباعة ومع تطور الصناعة والصحافة والمطبوعات أصبحت التنقيطية أساس في الثقافة الجماهيرية.

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

كتاب اللون في العصر الحديث Contemporary Color - Theory & Use

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.