بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

التصوير الفوتوغرافي / التناقض والغموض في التصوير

Contrast and Mystery in Photography

 

الواقع والتغيير

Reality and Change

قد يكون الواقع في بعض الأحيان سيء وغير مقبول بالنسبة للإنسان العادي. ولكن في عالم التصوير يستطيع المصور المبدع تغيير الواقع وإظهار ولفت انتباه لأجمل الأشياء التي قد لا تخطر على بال المشاهد العادي. وبهذا يكون الواقع مكان فظيع ورائع في نفس الوقت. أو يكون مكان مثير وممل في نفس الوقت.

يمكن تغيير وتحويل معظم الأشياء بالواقع، ويُفضل أن نبدأ بموضوع عادي، وبناء على دراسة المواد الخام التي يتكون منها العنصر يمكن تحويل مظهره وتغييره في الصورة لتوصيل معني ورسالة مختلفة عن الحقيقة.

مثال (1)

في الصورة أدناه، تم تصوير إطار لسيارة. بدء المصور بإظهار العجلات ذات الحواف السلكية للسيارة الكلاسيكية. وقام بتصوير العديد من الصور ثم قام بمعالجتها على برامج التصميم والمونتاج، فتم وضع الصور في طبقات وتم إضافة الألوان ودمج الصور في صورة واحدة لإنشاء تكوين، فاستطاع المصور تحويل الصورة وإعطاء إيحاء بأن إطار السيارة يشبه الزهرة. 

الإعدادات: عدسة ماكرو 85 مم، 8/10 من الثانية عند f / 45 و ISO 100، والكاميرا مثبتة على حامل ثلاثي القوائم.

مثال (2)

في الصورة أدناه، طُلب من المصور رسم فراشة بألوان شديدة الحيوية وتبدأ في الطيران. في البداية قام المصور بتصوير فراشة خلف صندوق يحتوي إضاءة. ثم قام بمعالجة الصورة بشكل رقمي لإنشاء التكوين وقام بعمل ثلاث إصدارات أو نسخ ملونة مختلفة عن الصورة الأصلية. 

الإعدادات: عدسة ماكرو 100 مم، ثانيتان عند f / 8 و ISO 100 ، والكاميرا مثبتة على حامل ثلاثي القوائم.

تصوير المشاهد الغامضة

Photographing Mysterious Scenes

تلعب المناظر الطبيعية دورًا مهمًا في العديد من أنواع الفن، كما في اللوحات من الفن الصيني التي تستخدم فرشاة من الحبر وكذلك لوحات الحركة الانطباعية وبالطبع التصوير الفوتوغرافي. بالنسبة للعديد من الفنانين الذين يعملون في المناظر الطبيعية، يلعب الموضوع دورًا مهمًا لدرجة أنه يؤثر بشكل كبير على المعني والرسالة للصورة. تميل المناظر الطبيعية الجميلة وحتى العادية إلى تهدئة النفس البشرية وتصل بسهولة إلى العنصر الروحي بداخلنا.

فعلى سبيل المثال، عندما تجسد المناظر الطبيعية الواقع بشكل دقيق، فقد نشعر عندما نراها بأنها أماكن نرغب في أن نكون فيها في يوم ما، أو نشعر بالرغبة في المغامرة والغموض لكي نصل إليها. إذا وجد المصور نفسه في طقس ممتلئ بالضباب أو على شاطئ منعزل عند الشفق، فيمكن إنشاء تكوين غامض ومثير من خلال استخدام تقنيات تجميع وتركيب الصور، والتي من خلالها يمكن التعبير عن عالم أخر من الغموض يستحق الاستكشاف.

مع مرور الوقت تغير الطابع الكلاسيكي للمناظر الطبيعية، حيث لم تعد فقط مشهد حقيقي يعبر عن منظر جميل. حيث يمكن التعبير عن معاني أخري كبيرة بخلاف الجمال. يجب على المصور أن يبحث بأسلوب أكثر عمقاً عن معاني خفية تثير الرغبة والغموض في الإنسان.

لا يجب تصوير الصورة كمكان مادي، ولكن يجب إعطاء نظرة خاصة للفكرة أو الحالة. وكذلك للوصول إلى التكوين أو الحالة المطلوبة يمكن الاعتماد على أدوات التصوير بالإضافة إلى معالجة الصور بشكل رقمي على برامج التصوير والمونتاج التي توفر العديد من الإمكانيات.

فعلى سبيل المثال، يمكن دائما إضافة عنصر مفقود، أو إنشاء منظر طبيعي باستخدام تقنية دمج الصور، أو ضبط النور والظلال والألوان، وغيره. يجب على المصور أن يتذكر دائما أن الهدف هو صنع صورة مثيرة للاهتمام أو ذات طابع خاص. ويساعد في ذلك الاعتماد على الخيال ومهارات المصور الفنية لتقديم مناظر طبيعية تصف عالم أخر رائع وحقيقي.

مثال (1)

في الصورة أدناه، مجموعة من الجبال العالية في وداي، أثارت أطراف وحواف الجبال المصور التي تتداخل مع الضباب الكثيف. تم معالجة الصورة ببرامج التصوير والمونتاج. فقام المصور بإعطاء إيحاء بالمبالغة في التناقض بين الجبال العالية التي تشبه الأبراج والخلفية الضبابية، عن طريق زيادة نسبة الاختلاف والتباين بين عناصر التكوين.

الإعدادات: 22 مم، 8 ثوانٍ في f / 4 و ISO 200 ، والكاميرا محمولة باليد. 

مثال (2)

في الصورة أدناه، تم تصوير لحظة الغسق أو الغروب، عندما يتحول النهار إلى الليل. وفي المعتاد تعتبر فترة الغسق أفضل فترة لتصوير ضوء الشمس، فهي مثل اللحظة الساحرة في فن التصوير. وفي هذه المثال، حاول المصور التقاط جوهر الغسق في مكان منعزل. حيث يمكن متابعة لحظة الغسق من عن بعد.

الإعدادات: 22 مم، 8 ثوانٍ في f / 4 و ISO 200، والكاميرا مثبتة على حامل ثلاثي القوائم. 

مثال (3)

في الصورة أعلاه، تم تصوير هذه اللقطة في الساعات الأولى من الليل، عندما يلتقي المحيط بخط الأفق. فيمكن ملاحظة صدى خطوط الموجات يتردد في المقدمة المتوسطة في السماء بطريقة غير عادية في الطبيعة. فقام المصور بالتقاط الصورة لأنها غامضة بطريقة ما.

الإعدادات: 19 مم، 4/5 من الثانية عند f / 4 و ISO 100 ، والكاميرا مثبتة على حامل ثلاثي القوائم. 

ما هي الظواهر المتناقضة

The Nature of Paradox

هل يمكننا أن نحب شيئًا ونكرهه في نفس الوقت؟ هل يمكن للصورة أن تُظهر شيئًا قبيحًا وتكون في نفس الوقت جميلة؟ وهل العكس يمكن أن يكون صحيح. فمثلا، هل يمكن أن تبدو صورة الشيء الجميل قبيحة؟ الجواب على كل هذه الأسئلة، هو بالطبع "نعم!" لأن الصور الجذابة تحتضن هذا التناقض. لأنها تُظهر كلا من الجانبين بالموضوع وتُظهر الأشياء المتضادة بشكل فوري، فتُظهر المعاني المتضادة مثل الخير والشر، والظلمات والنور، والمدينة والبرية وغير ذلك في إطار واحد.

مثال (1)

في الصورة أدناه، الواجهة الزجاجية لمبنى إداري حديث في وسط مدينة أوكلاند بكاليفورنيا. فقد رأي المصور الانعكاسات في الواجهة الزجاجية. وتذكر لوحة شهيرة لسلفادور دالي تعبر عن روح التناقض. حيث مظهر المبنى الثابت والمستقر يتناقض مع الانعكاسات التي على الزجاج.

الانعكاسات على الزجاج هي لعمارة "أنطونيو غاودي" التي تلفت الانتباه بسبب شكلها المختلف، مما أدي إلى إثارة الشعور بالتناقض. وقام المصور بإنشاء سلسلة من الصور، وقام بزيادة سعة الانعكاسات ولونها، عن طريق استخدام مستقطب دائري.

الإعدادات

200 مم، مستقطب دائري، 1/320 من الثانية عند f / 9 و ISO 500 ، والكاميرا محمولة باليد. 

170 مم، مستقطب دائري، 1/250 من الثانية عند f / 7.1 و ISO 500 ، والكاميرا محمولة باليد.

مثال (2)

إن الحضارة تعبر عن إنجازات الإنسان في العصر، ولكن بالتأكيد ليست كل جوانب الحضارة جيدة. فهناك دائما جانب مظلم مثل الحروب، التلوث البيئي وغيره. يعد التصوير الفوتوغرافي أداة قوية لتذكير الإنسان بتأثيره على الحياة الفطرية. 

في الصورة أدناه، قام المصور بإنشاء تكوين وفق تأملته عن تأثير الخير والشر في الحضارة. تعتمد الصورة على تزيين العناصر على الرغم من أنها غير ثابتة. وتم دمج صورتين تحتوي كل منهما على مجموعة انعكاسات على المباني. 

مثال (3)

في الصورة أعلاه، قام المصور بإنشاء تكوين يعبر عن تحول أفكار الإنسان إلى الحالة السلبية، فيبدو العالم وكأنه غابة مشوشة مع وجود العناصر والأشياء مقلوبة رأسًا على عقب وخارج المكان. قام المصور بإنشاء صورة مجمعة لكي يعبر عن المجتمع ككل. حيث كل شيء يسير في كل اتجاه ويسود المكان فوضى جميلة ولكنها مخيفة.

يعد دمج الصور أحد الأشياء التي يُصعب رؤيتها بالعين أكثر مما قد يعتقده المرء في البداية. فهي معقدة إلى حد ما لأن الصور المجمعة تبدو وكأنها لا تتوافق معا، ولهذا تحتاج إلى الرؤية العميقة. وعلى الرغم من صعوبة دمج الصور في تكوين إلا أن المصور استطاع عمل ذلك من خلال التعمق والدراسة. 

لإنشاء هذا التكوين يجب أن يكون هناك نقطة بداية يتم البدء منها، فيُسهل من خلالها تركيب الأجزاء ومزجها. وبالتالي عند الانتهاء يمكن الحصول على صورة متماسكة والعناصر بها موحدة وليست متنافرة. 

لعمل تكوين عناصره متناسقة قام المصور بالربط بين مجموعة من العناصر المعمارية ثم تم مزجها بطرق مثيرة للاهتمام. قام المصور بإنشاء عدة نسخ وإصدارات ثم قام بعمل الصورة النهائية، ويمكن ملاحظة الشكل الحلزوني الرأسي مع مجموعة من الخطوط الأفقية، مع تنوع الألوان والأشكال.  

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

التكوين الإبداعي - نصائح وتقنيات التصوير الرقمي.

Creative Composition - Digital Photography Tips & Techniques

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.