بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الألوان /  دور العمق في خلق وهم ثلاثي الأبعاد

How Depth Create Illusion of 3D Images

 

الوهم والانطباع

Illusion and Impression

"الواقع هو وهم، وإن كان أكثر إصراراً".

البرت اينشتاين Albert Einstein

الوهم البصري يحدث عندما يرى المشاهد شيء لا يستطيع تفسيره بالكامل وبالتالي قد يُخطئ في فهم معناه، حيث أنه لا يمكن تفسيره بأي من الحواس الأخرى.

تبدأ أبسط الأوهام من خلال الاستجابات اللاإرادية للعيون نتيجة الإفراط في التحفيز تجاه شيء محدد، مثل تدرج اللون اللامع أو التباين الشديد. وأيضا قد يعود السبب في الوهم البصري إلى أساس فسيولوجي مثل طريقة الرؤية أو حركة العيون اللاإرادية.

ويحدث الوهم البصري عندما يقوم المخ بعمل افتراضات أو استنتاجات غير واعية حول شيء ما مرئي ولكن تكون الصورة الفعلية مختلفة، حيث يقوم المخ بمعالجة المعلومات المرئية بشكل غير دقيق. أما الرؤية الصحيحة فتتطلب تفاعل متقن بين العينين والمخ.

يتفق جميع العلماء على أن الأوهام البصرية لها أساس فسيولوجي. وكلها ناتجة عن اضطراب في تدفق المعلومات بين العينين المخ. على الرغم من أن بعضها يشترك في أجزاء التفكير في المخ أكثر من غيرها. ويعتمد الوهم البصري على طريقة استجابة العيون تجاه عناصر مثل الأشكال والخطوط والألوان.

وهم الألوان

Color Illusions

تحدث الأوهام المتعلقة بالألوان عندما يتم ترتيب الألوان ذات العلاقات المحددة بطرق تضلل العينين والمخ. فهي تمثل ما تراه العين في الوقت الحالي، وأوهام الألوان هي استجابة فسيولوجية وتفسير خاطئ لشيء مرئي.

ومثال لذلك، الانطباع بأن الألوان المطبوعة التي نراها تتوهج على الصفحة. وينشأ هذا الانطباع بسبب وجود مجموعة من الألوان ذات الصفات المحددة والعلاقات المتبادلة مرتبة بطريقة معينة.

مثال

يوضح الشكل التالي أهمية ترتيب الألوان في وهم بصري يعبر عن انتشار لون النيون، حيث يتم إدخال مساحات صغيرة من اللون اللامع في نمط متكرر من الخطوط السوداء على أرضية بيضاء، وبهذا يبدو اللون وكأنه ينتشر في الفضاء الأبيض.

وهم العمق

The Illusion of Depth

سواء كانت الصورة مخصصة للطباعة أو للعرض على الشاشة، فإن قدرًا كبيرًا من فن الجرافيك يجعل عناصر الصور مثل السيارات، وزجاجات المشروبات الغازية، والملابس، والمباني وغيرها تبدو ثلاثية الأبعاد.

فإن فن الجرافيك أو فن الرسم يقوم بتحويل عناصر الصورة من مستوى ثنائي الأبعاد إلى مستوى ثلاثي الأبعاد أو مجسم عن طريق توضيح العمق على الورقة أو السطح الثنائي الأبعاد.

ويحدث الوهم ذو الأبعاد الثلاثة فقط عندما يشعر المشاهد أن الصورة ثنائية الأبعاد أصبح لها عمق حقيقي. وأصبح الآن من الممكن تحقيق ذلك بفضل التكنولوجيا الحديثة، فهي جسر بين الرسم والعالم الحقيقي. والذي يعتمد إدراك العمق في العالم الحقيقي بالرؤية المجردة وأحيانا المجهرية، لكي يتم رؤية وتحديد العرض والارتفاع للأشكال في العالم الحقيقي.

أثناء عملية الرؤية تتلقى كل عين معلومات بطريقة ثنائية الأبعاد من موقع مختلف قليلاً وترسل صورة مختلفة قليلاً إلى المخ، وفي المخ يتم تجميع الصورتين معا ويتم تفسر الرسائل أو الصور وتجميعها بشكل ثلاثي الأبعاد لكي نرى الصور مجسمة.

الثبات الإدراكي

Perceptual Constancy

يعتمد إدراك العمق أيضًا على افتراضات الثبات الإدراكي. يعني الثبات الإدراكي أن الأشياء تُفهم على أنها تظل كما هي حتى عندما تتلقى العيون صورًا متغيرة. فمثلا الجسم المألوف الذي يُنظر إليه على أنه صغير جدًا يبدو ويُفهم على أنه بعيد جدًا، مع العلم أن ذلك الجسم لا يكون صغير الحجم.

يوفر الثبات الإدراكي جزء من المعلومات المهمة في المخ، أو ما يسمى إشارة العمق، والتي تساعد المخ على استكمال المعلومات المرئية. ويمكن الشعور بالثبات الإدراكي عندما نرى المنظور الجوي (رؤية الأشياء من على مسافة)، حيث يتضمن المنظور رؤية والاحساس بالعمق، فكلما كان الجسم بعيدًا زادت صعوبة تفسير الرؤية، بسبب زيادة تداخل الهواء والغبار بين المنظور وبين المراقب.

فتبدو الأجسام البعيدة أقل وضوحًا، ولأن الغلاف الجوي يبدد الطول الموجي للألوان مثل اللون الأزرق لأشعة الشمس أكثر من الألوان الأخرى، فإن الأجسام البعيدة تظهر أيضًا أكثر زرقة قليلاً من الأجسام القريبة.

بالإضافة إلى إشارات الثبات الإدراكي وتأثير منظور الغلاف الجوي، يتم إنشاء انطباعات العمق على أي مستوى مسطح باستخدام مصطلحات في فن الرسم تسمى "إشارات العمق التصويري"، وهي التداخل، المنظور الخطي، التظليل، الظل، وتدرجات ملامس العناصر.

مثال (1)

صورة منظور الغلاف الجوي. وتوضح لوحة المناظر الطبيعية البدائية في القرن التاسع عشر الطريقة التي يطمس بها الهواء والغبار الخطوط البعيدة، مما يجعلها غير واضحة بشكل متزايد وأكثر زرقة قليلاً.

 

مثال (2)

إشارات العمق في فن الرسم أو التصوير. ولاحظ أن أسلوب الرسم ينقل احساس بالعمق ولكن ذلك لا يتطلب وجود ألوان.

العمق وعنصري الوقت والحركة

Depth, Time and Motion Elements

كلما زادت أدوات أو إشارات العمق في فن الرسم أو فن الجرافيك أو غيره، كلما أمكن تمثيل العناصر أو الكائنات objects ثلاثية الأبعاد بشكل مقنع. ويعتبر الرسام أو المصمم الجرافيكي جيداً إذا أصبح قادراً على خلق وهم بالعمق لكي تصبح الأشكال أو العناصر ثلاثية الأبعاد أو مجسمة.

حيث يدرك المشاهد الصورة الثلاثية الأبعاد على سطح ثنائي الأبعاد مثل ورقة أو صورة أو شاشة الحاسوب وغيره. ومن العناصر التي تؤكد العمق في الحقيقة أو في الواقع هو عنصري الوقت والحركة.

فعلى سبيل المثال، عندما يكون المشاهد في حالة حركة سريعة، فإن الكائنات القريبة سوف تتحرك بسرعة وستظهر بصورة ضبابية الملامح أو غير واضحة، بينما تبدو الأشياء البعيدة أكثر وضوحا وهي تتحرك ببطء.

وبناء على ذلك، يمكن قراءة اللافتات البعيدة من قطار متحرك، لكن الإشارات القريبة من المسار تمر بسرعة كبيرة بحيث لا يمكن قراءتها. ولهذا تُفهم الأشياء بالنسبة للمخ على أنها أقرب أو أبعد من خلال مقارنة السرعة التي يبدو أنها تتحرك بها بالنسبة إلى موضع المراقب أو المشاهد.

على عكس الصفحة المطبوعة، يمكن أن تتضمن صورة الشاشة كلاً من عنصري الحركة والوقت ولكن تكون ثابتة، لذلك يمكن محاكاة اختلاف الحركة على الشاشة.

فعلى سبيل المثال، الرسوم المتحركة عبارة عن رسومات تتضمن إشارات العمق التصويرية (أدوات فن الرسم). وتضمن أيضا عنصري الحركة والوقت. وبالتالي يمكن أن تكون الرسوم المتحركة مقنعة بشكل مذهل، وتخلق وهم كبير بالعمق وكأنه حقيقي في واقع بديل من صنع الخيال.

وأخيراً، ينتج وهم العمق من خلال تعزيز مجموعة كاملة من العناصر مثل إشارات العمق، الثبات الإدراكي، وإشارات العمق التصويرية (في فن الرسم)، وعنصري الحركة والوقت، وتأثيرات الألوان.

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

المراجع والمصادر:-

كتاب "فهم اللون – مدخل المصمم".

UNDERSTANDING COLOR - An Introduction for Designers

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.