بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الألوان /  استجابة العيون اللا إرادية للألوان المكملة

The Involuntary Response of Eyes to Complementary Colors

 

التباين المتزامن

Simultaneous Contrast

التباين أو الاختلاف  Contrast ببساطة هو بأنه التناقض بين شيئين أو كثر مما يثير ويلفت الانتباه. والتباين هو مبدأ مرئي يوفر للعين اختلافًا ملحوظًا بين شيئين أو كائنين objects ، كبير وصغير، أحمر وأخضر، فاتح وداكن، أو ساخن وبارد. وفي الفنون المرئية، التباين هو الفرق الملموس في الخصائص المرئية التي توجد بين الأشياء أو عناصر التكوين.

أما التباين المتزامن Simultaneous Contrast هو استجابة لا إرادية تحدث عندما تكون العيون في حالة عدم راحة، فعندما يكون هناك لون واحد فقط في مجال الرؤية. في هذه الحالة، تُولد العيون اللون المكمل المفقود (الموجود في على دائرة الألوان)، والذي يظهر كطبقة رقيقة من طلاء لوني على منطقة متألقة مجاورة.

في حالة وجود لون أساسي واحد، يظهر اللون الثانوي المفقود. وفي حالة وجود لون ثانوي، يظهر اللون الأساسي المفقود. وذلك ينطبق على أي لون. حيث تُولد العين بشكل متزامن وعفوي اللون المكمل المفقود.

يكون تأثير التباين المتزامن أقوى عندما تكون الصبغة أو اللون محفزة للعين أو لون مشبع أو لون لامع، ويحدث التباين المتزامن أيضا مع الألوان الباهتة أو الخفيفة أو المظلمة ولكن بشكل أقل.

يحدث التباين المتزامن عندما يتم وضع صبغة واحدة على منطقة لونية أو بجانبها، وفي بعض الأحوال قد يؤدى التباين المتزامن إلى حدوث أخطاء مكلفة. فعلى سبيل المثال هناك قصة حقيقة توضح أهمية التباين المتزامن.

اختار مصمم داخلي سجادة رمادية اللون لتثبيتها في جميع أنحاء المسكن، وكان العميل محددًا وأصر أنه يكره اللون الأزرق، ويريد اللون الرمادي فقط. وبناء على ذلك تم طلاء الجدران في جميع أنحاء بدرجات مختلفة من اللون البرتقالي والطيني، بشكل دقيق.

عندما تم تركيب السجادة، بدت ذات لون شاحب، لكنها تبدو زرقاء. وقام المصمم بإعادة عينة من السجادة إلى البائع، مصراً على أنه تم توصيل البضائع بالخطأ. وللأسف كانت العينة صحيحة ومن اللون الرمادي.

وكانت العينة مطابقة للاختيار الأصلي. حيث التناقض المتزامن هو السبب الرئيسي. فتسببت ألوان الجدار ذات اللون البرتقالي في تحفيز العينين لتكوين اللون المكمل، وكان امتداد السجادة الرمادية مجالًا محايدًا مثاليًا فأصبح يمكن رؤية اللون الأزرق وهو اللون التكميلي للون البرتقالي.

يعد التباين المتزامن عامل مؤثر على الألوان المحايدة بما في ذلك الدرجات المختلفة من الأبيض، سواء كان مخصص للاستخدام مع درجة لون واحدة أو مجموعة متقاربة من الألوان. لحسن الحظ، ليس من الصعب توقع وتحييد آثار التباين المتزامن غير المرغوب فيها.

فمثلا إن وجود النسيج الأحمر يؤدى إلى تحفيز العين لرؤية اللون المكمل أو العكس، فإن مسحة حمراء وسط الأبيض تؤدى لتقليل المقاومة تجاه اللون الأخضر الذي تتحفز العين لرؤيته كلون مكمل. وفي هذا المثال إذا اختار المصمم أعلاه سجادة رمادية ذات مسحة برتقالية باهتة، فلن تحدث المشكلة.

ومثال أخر إذا تم استخدام نسيج أخضر زاهي مع قماش أبيض، فإن العين ستولد اللون الأحمر المكمل، ولعلاج هذا التعارض فإن إضافة لمسة من الأخضر الباهت، ستؤدى إلى أن يأخذ النسيج الأبيض طابع وردي.

مثال

الشكل الأول. التباين المتزامن

تحدث أقوى تأثيرات التباين المتزامن عندما تكون المنطقة باللون الرمادي المحايد محاطة بصبغة أو ألوان محفزة. لاحظ جميع المربعات الرمادية متشابهة. ولكن تولد العين ألوان مختلفة في كل مرة. 

الشكل الثاني. التباين المتزامن

حتى في حالة وجود الألوان الباهتة، يؤثر التباين المتزامن على اللون الذي يظهر ضمن الألوان المحايدة. فلاحظ نفس الأرضية تتحول من لون بارد إلى دافئ عندما تتغير ألوان النقوش.

الصورة اللاحقة وعكس التباين

Afterimage and Contrast Reversal

تعريف الصورة اللاحقة Afterimage أو التباين المتتالي: الصورة التي تظهر بعد أن يتم انتهاء أو إزالة أثر اللون أو الصبغة المحفزة. فتنتج الصورة اللاحقة عن نفس استجابة العين. مثل التباين المتزامن ولكنها تحدث في ظل ظروف مختلفة.

يمكن إحداث التباين المتزامن بواسطة لون لامع أو باهت، ويجب أن تكون المنطقة اللونية التي يؤثر عليها قريبة أو متجاورة. يتطلب إدراك الصورة اللاحقة Afterimage منبهًا لونيًا لامعًا ووجود سطح قريب ولكن منفصل، مثل لون أبيض أو فاتح. فيحدق المشاهد بشدة في الصورة الملونة ثم يومض بقوة وحزم وينظر فورًا إلى السطح الأبيض.

تظهر الصورة أمام المشاهد في ما يشبه الشبح ويتم ذلك في المناطق الفارغة وتستنتج العين اللون المكمل.

انعكاس التباين Contrast Reversal هو النوع الثاني من الصور اللاحقة، والصورة التي تظهر مثل الشبح هي نوع من السلبية المزدوجة، مع ظهور كل من الألوان التكميلية، ولكن في مواضع معكوسة.

قد يكون النمط المحفز عبارة عن لون أصفر لامع مثل الماس على صفحة بيضاء. بفرض إزالة الصورة واستبدالها بحقل أبيض، تولد العين صورة شبح، فيظهر لون بنفسجي ماسي لامع بدلاً من الأصفر بطريقة شاحبة، وتبدو المسافات البيضاء بينهما ذات لون أصفر باهت.

ومثال أخر قد يظهر الرسم باللونين الأبيض والأسود الذي يتم عرضه بهذه الطريقة مع عكس القيم بمعني أن نرى الأبيض محل الأسود والعكس، مثل صورة فوتوغرافية سلبية.

مثال

الشكل الأول. الصورة اللاحقة وعكس التباين

قم بتغطية النصف السفلي من الرسم التوضيحي بورق أبيض. ثم حدق في الدائرة الحمراء لأطول فترة ممكنة دون أن ترمش. ارمش بحزم، ثم انظر فورًا إلى النقطة السوداء في وسط المربع الأبيض، سيظهر لك صورة شبح من اللون المكمل وهو الأخضر. بعد ذلك، قم بتغطية النصف العلوي من الرسم التوضيحي وكرر التمرين.

الشكل الثاني. الصورة اللاحقة وعكس التباين

قم بتغطية النصف السفلي من الرسم التوضيحي بورق أبيض. ثم حدق في الأشكال الصفراء لأطول فترة ممكنة دون أن ترمش. ارمش بحزم، ثم انظر فورًا إلى النقطة السوداء في وسط المربع الأبيض، سيظهر لك صورة شبح من اللون المكمل وهو البنفسجي. بعد ذلك، قم بتغطية النصف العلوي من الرسم التوضيحي وكرر التمرين. 

التباين التكميلي

Complementary Contrast

يصف التباين التكميلي Complementary Contrast ما يحدث عند استخدام لونين بعلاقة تكميلية )حتى أبسط علاقة تكميلية) معًا. يحدث التباين المتزامن عند وجود لون واحد فقط. أما التباين التكميلي يعمل على تكثيف الفرق بين درجتين موجودتين بالفعل ومختلفتين بالفعل.

يحدث التباين التكميلي مع كل أشكال تدرج الألوان مثل اللون المشبع أو الخفيف أو الظلال أو المحايد. يظهر اللون النقي بأقصى كثافة تدرج عندما يتم إقرانه مع مكمله (أو شبه مكمل). حيث يتم التأكيد على الفرق بين الاثنين من خلال الاقتران، ولكن لا يخضع أي من اللونين لأي تغيير.

ومثال لذلك الأحمر المستخدم مع الأخضر، فالأحمر يبقي أحمر والأخضر يبقى أخضر، وكذلك يظل اللون الأزرق والبرتقالي معًا بنفس درجات القوة والوضوح، وهكذا. ويعتبر ذلك صحيح بالنسبة لجميع لألوان المكملة في جميع نقاط ألوان الطيف أو دائرة الألوان. حيث يتم تعزيز شدة أي تدرج لأي لون من خلال وجود مكمله. فمثلا (الأحمر – البنفسجي) لامع من تلقاء نفسه، فإذا تم إضافة كمية من اللون (الأصفر – الأخضر) فيتم تعزيز شدة اللون.

الجانب الثاني من التباين التكميلي هو قدرته على إبراز تدرج اللون غير المكتشف أو غير الواضح. مع درجات الألوان المحايدة وصبغاتها المخففة وظلالها، يكون لقوة تكثيف الصبغة التكميلية تأثيرها الأكبر حيث لا يتطلب التباين التكميلي لونًا محفزًا لامعاً.

قد تبدو عينة ألوان باهتة جدًا، أو باهتة لدرجة أنها تبدو بلا لون، أو داكنة جدًا،  ولكن عند وضعها مع لونها المكمل، أو لون يحتوي حتى على كمية صغيرة من لونها المكمل، يظهر لون لم يكن موجود من قبل عندما تولده العين فيظهر غير مرئي أو بشكل مستنتج. وعندما يتم تحويل زوج من الألوان المكملة إلى الألوان المحايدة، فإن كلا من اللونين في الزوج التكميلي يظهر أكثر كثافة وأكثر اختلافًا عن الآخر.

بغض النظر عن مدى ضآلة العلاقة التكميلية بين عينات الألوان، فإن أي اختلاف في تدرج اللون بين زوج مكمل يصبح واضحًا عند وضعهما معًا. لا يجب أن تكون الألوان متناقضة تمامًا لكي يحدث التباين التكميلي. فيمكن أن يحدث بوجود اللون المكمل أو شبه المكمل، مثل الأخضر والمكمل له وهو الأحمر والشبه مكمل وهو البرتقالي، أو البنفسجي والمكمل له وهو الأصفر والشبه مكمل وهو الأخضر.

عندما تحتوى بعض الألوان الموضوعة معًا جزءًا صغيرًا من العلاقة بين زوج من الألوان التكميلية، فإن كل منها سيخضع لتحول في تدرج اللون نحو يكون أقرب إلى زوج من الألوان الأساسية أو الألوان الثانوية. فمثلا قد تظهر عينتان من اللون الأزرق مختلفتان قليلاً عند وضعهما معًا فجأة إلى جوار اللون الأزرق المخضر أو الأزرق (الأقرب للون البحر) أو البنفسجي (أو الأرجواني).

الفرق الذي يصبح مرئيًا هو فرق طفيف، لكنه واضح، كما في زوج من الألوان المكملة مثل الأخضر والأحمر. ويمكن وصف الألوان المكملة بأنها مثالية أو أنها ألوان "مكتملة completing". حيث أن العين لا تسعى إلى التوازن فحسب، بل تسعى أيضًا إلى أبسط علاقة تدرجات للألوان وأكثرها "اكتمالًا".

مثال

الشكل الأول. التباين التكميلي

يتم التأكيد على التباين بين الألوان التكميلية عند استخدامهما معًا، لكن لا يغير أي منهما الآخر.

الشكل الثاني. التباين التكميلي

استخدام الألوان التي تحتوي على لمحة من علاقة الألوان التكميلية معًا، يؤدى إلى  تكثيف هذا التباين. فمثلا وضع درجتين متقاربتين بشكل منفصل من الأزرق، فإنهما يظهران بفروق واضحة عن بعضهما إلى حد كبير. فعند النظر إليها معًا، يصبح التباين في تدرج اللون واضحاً ومرئيًا بشكل ملحوظ. 

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

المراجع والمصادر:-

• كتاب "فهم اللون – مدخل المصمم".
• UNDERSTANDING COLOR - An Introduction for Designers

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

• حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.
• حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.
• حساب "مدونة ألوان" على تويتر.