ضع اعلان هنا

اخر الأخبار

الفن والثقافة / كيف ترسم المناظر الطبيعية من الصور الفوتوغرافية؟


بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين




الفن والثقافة / كيف ترسم المناظر الطبيعية من الصور الفوتوغرافية؟How to paint landscapes from photographs?


في هذه التدوينة سنقدم كتاب مميز في مجال رسم وتصوير لوحات المناظر الطبيعية, حيث يقدم لنا الكاتب خلاصة تجاربه في المجال الفني, وسنقوم بتوضيح وعرض بعض النصائح والإرشادات المميزة التي ستساعدنا على تنمية مهارتنا وقدرتنا الفنية.

الصورة المرجعية عدو ام صديق ؟ Reference Photos: Friend or Foe?

ويعنى هذا السؤال هل الرسم من صورة فوتوغرافية يغنى عن الرسم من الواقع؟ وهل ذلك يعنى أننا يمكن أن نعتمد في عمل اللوحات الفنية فقط على الصور الفوتوغرافية أو الرقمية؟.

تسمى الصورة الفوتوغرافية بالصورة المرجعية Reference Photos  ويعنى هذا المصطلح التقاط صورة بالكاميرا للمشهد المراد رسمه بالواقع والاعتماد عليها في تنفيذ العمل بدل من العمل في الموقع.

ولكن حقيقة السؤال هل الصورة المرجعية تساعدنا أم تعوقنا كفنانين. والإجابة أن الصورة المرجعية تقدم مصدر ومرجع قوى للمعلومات المتعلقة بالمشهد مثل عناصر وتفاصيل المشهد, ولكن الاعتماد عليها فقط لا يساعد على تقديم لوحات مميزة.

يحدثنا الكاتب عن تجربته في البداية, فقد كان مثل معظم الفنانين المبتدئين يستخدم صور فوتوغرافية في عمل لوحات فنية للمناظر الطبيعية. وكان يقوم بنسخ الصورة طبق الأصل تتطابق مع الصورة الفوتوغرافية من حيث تفاصيل الأشكال ودرجات وقيم الألوان, ولكن بعد العديد من التجارب وجد أن عمل نسخة طبق الأصل من الصورة الفوتوغرافية لا يعنى أن اللوحة النهائية ستكون جميلة.

وظل الكاتب يتسأل لفترة طويلة على الرغم من الدقة الشديدة في العمل إلا أنه أعماله الفنية ليست على المستوى المطلوب تقديمه. 

وفي النهاية اكتشف الكاتب أن الاعتماد على الصورة المرجعية يكون شيء رائع عند رسم الأشكال والتفاصيل, ولكن الاعتماد على الصورة المرجعية لا يصلح عند التعامل مع درجات وقيم الألوان.

ويرجع ذلك إلى أن درجات وقيم الألوان في الحقيقة تختلف عن درجات وقيم الألوان في الصورة المرجعية. والسبب العلمي في ذلك يعود لحجم وكمية الضوء في المشهد.

فعلى أساس كمية وحجم الإضاءة في الحقيقة تتحدد الإضاءة في الصورة, وكلما كان ضوء الشمس قوى كلما كانت عناصر وتفاصيل الصورة الفوتوغرافية واضحة. 

فعلى سبيل المثال لو تم التقاط صورة فوتوغرافية في الليل, فستظهر العناصر الداكنة في الصورة ليلا على أنها مناطق سوداء عديمة اللون وعندما تقوم بطباعة الصورة يمكنك أن تلاحظ تدهور الألوان والاختلاف الشديد بين المشد نهارا حيث درجات وقيم الألوان واضحة وبين المشهد ليلا حيث درجات وقيم الألوان سيئة ومتدهورة.

ولهذا يجب على الفنان أن يكون حريص جدا في اختيار المصادر والمراجع التي يستخدمها لعمل لوحات فنية. ولهذا يوضح الكاتب أهمية معرفة بعض المعلومات العلمية عن التصوير الفوتوغرافي أو الرقمي, فمن المفيد في مجال رسم وتصوير المناظر الطبيعية أن نفهم قليلاً عن كيفية عمل الكاميرا.

سرعة الغالق Shutter Speed

الجزء المسئول عن إدخال الضوء إلى داخل الكاميرا يسمى الغالق shutter. وهو ببساطة يفتح مثل الباب ليُدخل كمية من الضوء إلى الداخل ثم يُغلق الباب مرة أخرى. 

والغالق shutter يفتح ويغلق أوتوماتيكيا ويمكن التحكم في كمية الضوء الداخل عندما نتحكم في سرعة الفتح والإغلاق ويسمى ذلك علميا بسرعة الغالق shutter speed .

وكلما زادت سرعة الغالق shutter speed إلى كسر أو أجزاء من الثانية كلما ساعد ذلك في إلتقاط صورة واضحة التفاصيل أو حادة sharp وساعد في تجميد المشهد والعكس صحيح, ويتم تحديد سرعة الغالق بشكل محدد مسبقا من ضبط الاعداد التلقائي في الكاميرا.  
   

الحساس أو مستشعر التصوير Sensor

ومن أكثر الأشياء التي تحدد كمية الإضاءة في التصوير هو الحساس أو مستشعر التصوير sensor في الكاميرا. والحساس ببساطة عبارة عن جهاز حساس جدا للضوء فيقوم بتسجيل الصورة في الكاميرا وفقا لكمية الضوء.

إذا التقط المستشعر ضوء ساطع كما هو الحال في منطقة السماء، فستكون القيم ودرجات الألوان في الصورة دقيقة فقط في تلك المنطقة المحددة. أما باقي المناطق خارج منطقة الإضاءة القوية هذه يصبح أغمق. مثل مجموعة من الأشجار الخضراء لأن عداد الضوء قام بتسجيل منطقة مظلمة. لقراءة المزيد

وبناء على ذلك تختلف النتائج في الصور وفقا لحجم وكمية الضوء فيمكن أن ينتهي الأمر بصورتين مختلفتين تمامًا للمشهد نفسه. 

التعريض في الكاميرا  Camera Exposure

يقيس مبدأ التعريض Exposure في التصوير حجم الضوء في الصورة فالصور التي تتعرض لنسبة ضوء أكبر تكون ساطعة وواضحة التفاصيل والعكس صحيح. وعلى أساس نسبة التعريض في الصور يتحدد الشكل النهائي لعناصر وتفاصيل المشهد.



ونلاحظ في الصورتين السابقتين أن الصورة A على اليسار شديدة السطوع بالمقارنة مع الصورة B على اليمين.

ويختلف عناصر وتفاصيل المشهد في كل صورة, حيث في الصورة A الساطعة كانت الكاميرا موجهه إلى الشلال وتحت تركيز الضوء, فيظهر الشلال بشكل مجمد ومبيض وكأنه وحدة واحدة بدون تفاصيل, أما الأشجار فتبدو واضحة الألوان ودقيقة التفاصيل.

أما في الصورة B المظلمة فإن الشلال يظهر بشكل أفضل حيث تتضح فيه الألوان أكثر وتظهر بعض التفاصيل مثل رغوة الأمواج والظلال ويبدو الشلال واقعيا. أما الأشجار في هذه الصورة فهي على العكس أقل جودة من الصورة السابقة, فلا تبدو واضحة ولا تتضح بها قيم ودرجات الألوان وتزيد الظلال بشكل يجعلها تظهر بشكل مظلم ومعتم.

ملاحظة هامة
الصورة الأولى تختلف عن الصورة الثانية من حيث التفاصيل والألوان ودرجات الظلال والقيم, وكذلك كل من الصورتين تختلفان عن الواقع. ففي الحقيقة أننا لا نرى شلال بشكل مجمد ومبيض وكذلك لا نرى الأشجار بألوان داكنة ومعتمة ولكننا نراها بألوانها وتفاصليها الطبيعية. ويضيف الكاتب أنه عندما قام بالتقاط الصورة كانت ألوان وتفاصيل الصخور في الحقيقة تختلف عما هي عليه في الصور الفوتوغرافية.

وبناء على كل ما سبق إن عمل نسخة طبق الأصل من الصورة الفوتوغرافية لا يجب أن يوصلنا بالضرورة إلى نتائج احترافية, بل قد يكون له أثر سلبي على جودة العمل الفني.

إذا كنت تعمل على لوحة فنية, فلا يجب أن تنتهي اللوحة الخاصة بك مع مناطق باهتة أو مظلمة أو شديدة التعريض Exposure. ويجب عليك أن تقرر ما هي الصورة الأفضل لكى تستخدمها كمرجع لك.

ومن أفضل الحلول المقترحة للحصول على صورة مرجعية Reference Photos يمكن تجربة التقاط عدة صور لنفس المشهد مع التغيير في سرعة الغالق shutter speed. حتى لو لم يكن المشهد الحقيقي يحتوي على اختلافات في الألوان.

يجب عليك كفنان تحسين الألوان الرتيبة لجعل اللوحة أكثر إثارة للاهتمام. يستخدم الفنانون المتمرسون بشكل أساسي الصور فقط للحصول على الأفكار والتفاصيل أما الدرجات وقيم الألوان فهو أمر يعتمد على خبرات الفنان وقدرته على اختيار الألوان المناسبة التي تتناسب مع طبيعة المشهد في الواقع.

جدار اللوحة أو المنطقة المحيطة The Peripheral Area

عندما كنا صغارا في المدرسة كنا نكتب في كشكول تتكون الصفحة فيه من سطور زرقاء بالعرض وخط احمر بالطول وما بعد الخط الأحمر يسمى الهامش بالإضافة إلى هامش الصفحة العلوى والهامش السفلى. 

والهامش هو المنطقة التي لا يجب استخدمها أو الكتابة عليها. وتمثل الجوانب الأربعة من اللوحة الهامش ويطلق عليها المنطقة المحيطة أو جدار اللوحة أو المنطقة الطرفية,  وهذه المناطق لابد أن تكون فارغة.



وفي المنطقة الطرفية او جدار اللوحة من الأفضل تجنب الآتي:-
  • الاختلاف الشديد بين الألوان.
  • وضع نهايات الأشكال بوضوح.
  • وضع الكثير من التفاصيل الواضحة المعقدة أو الأشياء البارزة.
يجب أن تكون المناطق الطرفية أو جدار اللوحة مصممة بشكل يحاكي تلاشي الأشكال والتفاصيل تدريجيا, فتكون عناصر وتفاصيل المشهد واضحة في الجزء الأوسط أو مركز اللوحة ثم تقل درجة الوضوح بشكل تدريجي حتي تصل للتلاشي عند الأطراف. 

تتفق هذه الطريقة مع الطبيعة التشريحية للرؤية في العين البشرية, فالعين البشرية ترى الأشياء واضحة التفاصيل داخل مجال الرؤية أما أي شيء خارج مجال الرؤية فيكون غير واصح المعالم أو ضبابي كما سبق وتحدثنا, لقراءة المزيد.

ويمكن للفنان أن يستفيد من الطبيعة التشريحية للعين البشرية في تشجيع المشاهدين على التجول بصريًا داخل اللوحة, فيكون مركز الاهتمام في اللوحة هو الجزء الأوسط مما يعمل على توجيه تركيز المشاهد لهذه المنطقة, أما أطراف اللوحة فتكون غير واضحة وتتلاشى تدريجيا فتقل عوامل التشتت تجاه  أطراف اللوحة أو الحواف.  

تبسيط المداخل Simplifying Foregrounds

يتفق هذا المبدأ مع الطريقة التي ترى بها العين تشريحيًا، فيتم تبسيط مقدمة اللوحة أو مداخل اللوحة عن طريق تقليل عناصر المقدمة وإزالة العوائق والتفاصيل المشتتة حتى ينظر المشاهدون بعمق في اللوحة إلى ما وراء هذه المنطقة.

وقد يعتقد البعض أن المقدمة لابد أن تحتوى على كثير من التفاصيل ولكن في المعتاد يميل الإنسان أن ينظر أمامه مباشرة ولا ينظر إلى الأسفل إلا إذا كان يبحث عن شيء أسقطه, وبناء على ذلك من المهم الحفاظ على بساطة المقدمة  عن طريق عدم وضع عناصر تتنافس في الاهتمام مع العناصر الأساسية في الجزء الأوسط.

الفنانين المحترفين في تصوير المناظر الطبيعية يقومون بتجميع العناصر الأكثر جاذبية في المنتصف أو المنطقة الوسطى من اللوحة لتكون مركز الاهتمام, ويهتمون بوضعية ومكان المشاهد بحيث يكون مركز اللوحة في مواجهه مباشرة مع الرأس واتجاه العيون, مما يؤدى إلى وضوح تفاصيل الأشياء في مجال رؤية العين حتى لو كانت اللوحة بعيدة في المسافة.

مثال (1)

تم تطبيق مبدأ تبسيط المقدمة حيث عناصر المقدمة مثل قضبان السكك الحديدية الخشبية والعشب بالمقدمة تبدو غير واضحة التفاصيل. أما العناصر واضحة التفاصيل هي العناصر الموجودة في الجزء الأوسط مثل القطار وما حوله من عناصر والتي في الحقيقة قد تكون بعيدة حوالى 5 متر. وتصوير المشهد بهذه الطريقة يساعد المشاهد على تتبع مسارات القضبان ويشجعه على الدخول لعمق الصورة وكأنه يمشى بداخلها "walk in". 

         



مثال (2)

في هذا المثال نلاحظ أنه لا يوجد ألوان قوية أو تفاصيل واضحة بالمقدمة, فكل عناصر العمل الفني موضوعة من أجل خدمة غرض واحد وهو توجيهه المشاهد للمنطقة الوسطى حيث هي مركز الاهتمام في اللوحة, فتنجذب العين نحو منطقة الزهور والمنزل في الوسط.

ولاحظ أن أطراف اللوحة الثلاثة بالإضافة إلى المقدمة لا تحتوى على عناصر وتفاصيل كثيرة, مما يؤدى إلى تقليل عنصر التشتت وتخفيف التنافس بين عناصر الجزء الأوسط وباقي العناصر.

تبسيط مناطق الأطراف في اللوحة يعمل على تمهيد مسار الرؤية أمام المشاهد فتبدو المناطق الطرفية وكأنها بوابات الدخول للمشهد. كما نلاحظ في الجانب الأيمن حيث يظهر جزء من المنزل وبعض الزهور, فيعملان على لفت الانتباه وتحويل مسار الرؤية لمشاهدة العناصر الأبعد حيث مركز الاهتمام في اللوحة. 
  
أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله


المراجع والمصادر:-
  • كتاب "أساسيات رسم المناظر الطبيعية – دروس في الألوان الأكريليك, الألوان الزيتية, ألوان الباستيل, والألوان المائية"
  • "LANDSCAPE PAINTING ESSENTIALS - LESSONS IN ACRYLIC, OIL, PASTEL AND WATER COLOR".   


ليست هناك تعليقات